أَيْ لِمُرِيدِ قَضَائِهَا (أَنْ يُقَدِّمَ يَسَارَهُ لِمَكَانِ قَضَائِهَا وَيَمِينَهُ لِانْصِرَافِهِ) عَنْهُ لِمُنَاسَبَةِ الْيَسَارِ لَلْمُسْتَقْذَرَ وَالْيَمِينِ لِغَيْرِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِالسُّنِّيَّةِ مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِقَوْلِهِ يُقَدِّمُ دَاخِلُ الْخَلَاءِ يَسَارَهُ وَالْخَارِجُ يَمِينَهُ (وَ) أَنْ (يُنَحِّيَ) عَنْهُ (مَا عَلَيْهِ مُعَظَّمٌ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: أَيْ لِمُرِيدِ قَضَائِهَا) مُرِيدُ قَضَاءِ الْحَاجَةِ هُنَا مَنْ دَخَلَ مَحَلَّهَا وَلَوْ لِحَاجَةٍ أُخْرَى كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ النَّوَوِي وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ قَالَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ شَوْبَرِيٌّ وَهَذَا التَّأْوِيلُ أَيْ قَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ لِمُرِيدِ قَضَائِهَا بِالنَّظَرِ لِبَعْضِ الْآدَابِ الْآتِيَةِ كَتَقْدِيمِ الْيَسَارِ فَإِنَّ بَعْضَهَا بَلْ غَالِبَهَا لَا يُسَنُّ إلَّا لِمَنْ قَضَى حَاجَتَهُ بِالْفِعْلِ كَأَنْ يَعْتَمِدَ وَالْقَوْلُ الْآتِي فَلَوْ أَبْقَى الْمَتْنَ عَلَى ظَاهِرِهِ لِيَكُونَ عَامًّا لِلْمُرِيدِ وَلِلْقَاضِي بِالْفِعْلِ لَكَانَ أَوْلَى وَيَكُونُ لَفْظُ قَاضِي مُسْتَعْمَلًا فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَرْتَكِبَ فِي كَلَامِهِ الِاسْتِخْدَامَ، فَقَوْلُهُ: وَيَعْتَمِدُ وَنَحْوُهُ مِمَّا هُوَ خَاصٌّ بِالْقَاضِي بِالْفِعْلِ ضَمِيرُهُ يَرْجِعُ لِلْقَاضِي بِالْفِعْلِ فَيَكُونُ ذِكْرُ الْقَاضِي بِمَعْنَى الْمُرِيدِ وَأَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَيْهِ بِمَعْنًى آخَرَ وَهُوَ الْقَاضِي بِالْفِعْلِ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: يَسَارَهُ) أَيْ، أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهَا شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: لِمَكَانِ قَضَائِهَا) وَلَوْ فِي صَحْرَاءَ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ بِقَصْدِ قَضَائِهَا صَارَ مُسْتَقْذَرًا وَأَمَّا كَوْنُهُ يَصِيرُ مُعَدًّا فَلَا يَصِيرُ إلَّا بِإِرَادَةِ الْعَوْدِ إلَيْهِ وَأَمَّا كَوْنُهُ يَصِيرُ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَضَائِهَا فِيهِ بِالْفِعْلِ مَا لَمْ يَكُنْ مُهَيَّئًا؛ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ بِمُجَرَّدِ تَهْيِئَتِهِ لِقَضَائِهَا تَسْكُنُهُ الْجِنُّ وَيَدُلُّ؛ لِذَلِكَ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْمَكْرُوهَاتِ مِنْ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْحَمَّامِ الْجَدِيدِ لَا تُكْرَهُ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَأْوًى لَهُمْ إلَّا بِاسْتِعْمَالِهِ بِخِلَافِ الْحُشِّ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مَأْوًى لَهُمْ بِمُجَرَّدِ تَهْيِئَتِهِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: لِمُنَاسَبَةِ الْيَسَارِ لِلْمُسْتَقْذَرِ) رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ مَنْ بَدَأَ بِرِجْلِهِ الْيُمْنَى قَبْلَ الْيُسْرَى إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ اُبْتُلِيَ بِالْفَقْرِ س ل (قَوْلُهُ وَالْيُمْنَى لِغَيْرِهِ) بِأَنْ كَانَ شَرِيفًا، أَوْ لَا شَرَفَ فِيهِ وَلَا اسْتِقْذَارَ لَكِنَّ قَوْلَ الْمَجْمُوعِ مَا كَانَ مِنْ بَابِ التَّكْرِيمِ يُبْدَأُ فِيهِ بِالْيُمْنَى وَخِلَافُهُ بِالْيَسَارِ يَقْتَضِي أَنَّ مَا لَا شَرَفَ فِيهِ وَلَا اسْتِقْذَارَ يُبْدَأُ فِيهِ بِالْيَسَارِ وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ ح ل قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ وَكَالْخَلَاءِ فِيمَا تَقَدَّمَ الْحَمَّامُ وَالْمُسْتَحَمُّ وَالسُّوقُ وَمَكَانُ الْمَعْصِيَةِ وَمِنْهُ الصَّاغَةُ وَلَوْ خَرَجَ مِنْ مُسْتَقْذَرٍ لِمُسْتَقْذَرٍ، أَوْ مِنْ مَسْجِدٍ لِمَسْجِدٍ فَالْعِبْرَةُ بِمَا بَدَأَ بِهِ فِي الْأَوْجَهِ وَلَا نَظَرَ إلَى تَفَاوُتِ بِقَاعِ الْمَسْجِدِ خِسَّةً وَشَرَفًا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ) أَيْ، لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لِمَكَانِ قَضَائِهَا شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ خَلَاءً أَوْ غَيْرَ خَلَاءٍ، لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَلَاءِ الْمُعَدُّ لِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَةُ الْأَصْلِ عَامَّةً مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى لِأَنَّهَا شَامِلَةٌ لِمَا إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ لَا لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ فَفِي كُلٍّ عُمُومٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الشَّارِحُ لَمْ يُنْظَرْ لِهَذَا الْعُمُومِ، لِأَنَّ الْآدَابَ الْأَتِيَّةَ إنَّمَا تَخُصُّ قَاضِيَ الْحَاجَةِ فَالْكَلَامُ فِيهِ تَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يُوهِمُ الْوُجُوبَ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُنَحِّيَ إلَخْ) لِمَا صَحَّ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ وَضَعَ خَاتَمَهُ وَكَانَ نَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ مُحَمَّدٌ سَطْرٌ وَرَسُولُهُ سَطْرٌ وَاَللَّهُ سَطْرٌ» قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَفِي حِفْظِي أَنَّهَا كَانَتْ تُقْرَأُ مِنْ أَسْفَلَ لِيَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى فَوْقَ الْجَمِيعِ وَإِذَا خَتَمَ بِهِ كَانَ عَلَى الِاسْتِوَاءِ كَمَا فِي خَوَاتِيمِ الْأَكَابِرِ بِرْمَاوِيٌّ وَيَجِبُ عَلَى مَنْ فِي يَسَارِهِ خَاتَمٌ عَلَيْهِ اسْمٌ مُعَظَّمٌ نَزْعُهُ عِنْدَ الِاسْتِنْجَاءِ وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ حَمَلَ مَعَهُ مُصْحَفًا فِيهِ فَيُكْرَهُ لَا يُقَالُ إنَّهُ حَرَامٌ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مَعَهُ غَالِبًا حَمْلُهُ مَعَ الْحَدَثِ، لِأَنَّا نَقُولُ تَقَدَّمَ حُكْمُ ذَلِكَ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ م ر فَيَكُونُ حَرَامًا مِنْ جِهَةِ حَمْلِهِ مَعَ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ مُعَظَّمٌ) أَيْ مُخْتَصٌّ أَوْ مُشْتَرَكٌ قُصِدَ بِهِ الْمُعَظَّمُ كَمُحَمَّدٍ وَقَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ بِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْمُعَظَّمَ لَمْ تُسَنُّ التَّنْحِيَةُ قَالَ الشَّوْبَرِيُّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مُطْلَقَ التَّعْظِيمِ بَلْ مَا يَقْتَضِي الْعِصْمَةَ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِقَصْدِ كَاتِبِهِ لِنَفْسِهِ، أَوْ لِغَيْرِهِ مُتَبَرِّعًا وَإِلَّا فَالْمَكْتُوبُ لَهُ م ر قَالَ سم وَيَدْخُلُ فِيهِ أَيْ الْمُعَظَّمِ مَا عُلِمَ عَدَمُ تَبْدِيلِهِ مِنْ نَحْوِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَهُوَ مَا بَحَثَهُ شَيْخُنَا ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَقَالَ دُونَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ إلَّا مَا عُلِمَ عَدَمُ تَبْدِيلِهِ مِنْهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ مَنْسُوخًا اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا يَنْبَغِي خِلَافُهُ ع ش.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute