مِنْ الصَّفِّ إذَا كَانَ اثْنَيْنِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ أَحَدُهُمَا مُنْفَرِدًا نَعَمْ إنْ أَمْكَنَهُ الْخَرْقُ لِيَصْطَفَّ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ كَانَ مَكَانَهُ يَسَعُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَخْرِقَ فِي الْأَوْلَى وَيَجُرَّهُمَا مَعًا فِي الثَّانِيَةِ، وَالتَّصْرِيحُ بِالسُّنِّيَّةِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَ) ثَانِي الشُّرُوطِ (عِلْمُهُ) أَيْ الْمَأْمُومِ (بِانْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ) لِيَتَمَكَّنَ مِنْ مُتَابَعَتِهِ (بِرُؤْيَةٍ) لَهُ أَوْ لِبَعْضِ الصَّفِّ (أَوْ نَحْوِهَا) كَسَمَاعٍ لِصَوْتِهِ أَوْ صَوْتِ مُبَلِّغٍ وَتَعْبِيرِي بِنَحْوِهَا أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالسَّمَاعِ
(وَ) ثَالِثُهَا (اجْتِمَاعُهُمَا) أَيْ الْإِمَامِ، وَالْمَأْمُومِ (بِمَكَانٍ) كَمَا عُهِدَ عَلَيْهِ الْجَمَاعَاتُ فِي الْعُصُرِ الْخَالِيَةِ، وَلِاجْتِمَاعِهِمَا أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ لِأَنَّهُمَا إمَّا أَنْ يَكُونَا بِمَسْجِدٍ أَوْ بِغَيْرِهِ مِنْ فَضَاءٍ أَوْ بِنَاءٍ أَوْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا بِمَسْجِدٍ، وَالْآخَرُ خَارِجَهُ (فَإِنْ كَانَا بِمَسْجِدٍ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ وَإِنْ) بَعُدَتْ مَسَافَةٌ وَ (حَالَتْ أَبْنِيَةٌ) كَبِئْرٍ وَسَطْحٍ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (نَافِذَةً) إلَيْهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
لَقَدْ سُنَّ جَرُّ الْحُرِّ مِنْ صَفِّ عِدَّةٍ ... يَرَى الْوَفْقَ فَاعْلَمْ فِي قِيَامٍ قَدْ أَحْرَمَا
بِنَقْلِ هَمْزَةِ أَحْرَمَ لِلدَّالِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ أَمْكَنَهُ إلَخْ) ، وَالْخَرْقُ فِي الْأُولَى مِنْ الْجَرِّ فِي الثَّانِيَةِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لِيَصْطَفَّ مَعَ الْإِمَامِ) أَيْ وَلَيْسَ هُوَ صَفًّا مُسْتَقِلًّا حَتَّى يَكُونَ صَفًّا أَوَّلَ وَكَتَبَ أَيْضًا وَلَوْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَصْطَفَّ مَعَ الْإِمَامِ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَفُوتَ فَضِيلَةُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ عَلَى مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُمْ وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ الْخَرْقُ فِي الْأُولَى لِعُذْرِهِ وَهَذَا الْكَلَامُ يُفِيدُ أَنَّ الْمَأْمُومَ إذَا اصْطَفَّ مَعَ الْإِمَامِ يَكُونُ صَفًّا أَوَّلَ حَقِيقَةً وَمَا عَدَاهُ أَوَّلَ حُكْمًا وَهُوَ يُخَالِفُ مَا مَرَّ أَوَّلَ الْقَوْلَةِ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا هُنَا لِعُذْرِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا فَلَوْ أَحْرَمَ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الدُّخُولِ فِي الصَّفِّ أَوْ الْجَرِّ كُرِهَ وَفَاتَتْهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ وَلَا تَفُوتُ فَضِيلَةُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ عَلَى مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ مَكَانَهُ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الصَّفُّ اثْنَيْنِ لَوْ جَرَّ أَحَدَهُمَا لَصَارَ الْآخَرُ مُنْفَرِدًا فَإِنَّهُ يَجُرُّهُمَا مَعًا (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَخْرِقَ فِي الْأُولَى) هِيَ م اإذَا أَمْكَنَهُ الْخَرْقُ لِيَصْطَفَّ مَعَ الْإِمَامِ وَقَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ هِيَ مَا إذَا كَانَ مَكَانُهُ يَسَعُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ وَهِيَ مَحَلُّ الِاسْتِدْرَاكِ اهـ.
(مَسْأَلَةٌ) لَوْ اصْطَفَّ جَمَاعَةٌ خَلْفَ الْإِمَامِ فَجَاءَ آخَرُونَ وَوَقَفُوا بَيْنَ الْإِمَامِ وَمَنْ خَلْفَهُ فَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ لِتَفْوِيتِهِمْ عَلَى الْمُقْتَدِينَ فَضِيلَةَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَوْ يُكْرَهُ؟ قَالَ شَيْخُنَا الْعَلْقَمِيُّ بِالْحُرْمَةِ وَتَبِعَهُ ز ي ثُمَّ قَالَ: رَأَيْت فِي ع ب مَا يَدُلُّ عَلَى الْكَرَاهَةِ قَالَ ز ي: وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا زَادَ مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِمَامِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ لِتَقْصِيرِهِمْ حِينَئِذٍ وَحُمِلَ الْإِفْتَاءُ بِالْحُرْمَةِ عَلَى مَا إذَا كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِمَامِ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَأَقَلَّ اهـ. وَقَوْلُهُ: وَحُمِلَ الْإِفْتَاءُ بِالْحُرْمَةِ إلَخْ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى تَفْوِيتِهِمْ ثَوَابَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِمَنْ خَلْفَهُمْ وَنَقَلَ سم عَنْ م ر أَنَّهُ لَا حُرْمَةَ وَلَا يَفُوتَ ثَوَابُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ عَلَى مَنْ خَلْفِهِمْ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِمْ اهـ وَيَنْبَغِي كَرَاهَةُ صَلَاتِهِمْ أَمَامَهُمْ وَيَحْصُلُ لَهُمْ ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ لَا الصَّفِّ الْأَوَّلِ فِيمَا يَظْهَرُ تَأَمَّلْ، وَرَاجِعْ، وَانْظُرْ وَجْهَ الْكَرَاهَةِ. الْأَوْلَى وَعِبَارَةُ حَجّ تَقْتَضِي عَدَمَهَا حَيْثُ قَالَ: مَتَى كَانَ بَيْنَ كُلِّ صِفِّينَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ كُرِهَ لِلدَّاخِلَيْنِ أَنْ يَصْطَفُّوا مَعَ الْمُتَأَخِّرِينَ فَإِنْ فَعَلُوا لَمْ يُحَصِّلُوا فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ لِأَنَّهُمْ ضَيَّعُوا حَقَّهُمْ فَيَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَصْطَفُّوا بَيْنَ الْإِمَامِ، وَالْمَأْمُومِينَ
(قَوْلُهُ: عِلْمُهُ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ صَوْتِ مُبَلِّغٍ اهـ. شَرْحُ حَجّ وَلِنَحْوِ أَعْمَى اعْتِمَادُ حَرَكَةِ مَنْ بِجَنْبِهِ إنْ كَانَ ثِقَةً عَلَى مَا تَقَرَّرَ، وَالْمُرَادُ أَنْ يَعْلَمَ بِانْتِقَالِهِ قَبْلَ أَنْ يَشْرَعَ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ لَا عَلَى الْفَوْرِ كَمَا قَالَهُ ح ل (قَوْلُهُ: أَوْ صَوْتِ مُبَلِّغٍ) أَيْ عَدْلٍ رِوَايَةً بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا حُرًّا أَوْ عَبْدًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُصَلِّيًا وَكَذَا الصَّبِيُّ الْمَأْمُونُ، وَالْفَاسِقُ إذَا اعْتَقَدَ صِدْقَهُ وَلَوْ ذَهَبَ الْمُبَلِّغُ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ لَزِمَ الْمَأْمُومَ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ إنْ لَمْ يُرْجَ عَوْدُهُ قَبْلَ مُضِيِّ مَا يَسَعُ رُكْنَيْنِ فِي ظَنِّهِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. ح ل أَيْ أَوْ انْتِصَابَ مُبَلِّغٍ آخَرَ سم
. (قَوْلُهُ: وَاجْتِمَاعُهُمَا بِمَكَانٍ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالِاجْتِمَاعِ بِالْمَكَانِ عَدَمُ الْبُعْدِ وَعَدَمُ الْحَائِلِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي فِيهِمَا فَيَصْدُقُ بِمَا إذَا كَانَ بَيْنَ الصَّفِّ الْأَخِيرِ، وَالْإِمَامِ فَرَاسِخُ كَثِيرَةٌ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: كَمَا عُهِدَ) الْكَافُ لِلتَّعْلِيلِ وَمَا بِمَعْنَى اجْتِمَاعٍ وَعُهِدَ بِمَعْنَى عُلِمَ فَكَأَنَّهُ قَالَ: لِأَجْلِ الِاجْتِمَاعِ الَّذِي عُهِدَ عَلَيْهِ الْجَمَاعَاتُ أَيْ عُلِمَ وُقُوعُهَا عَلَيْهِ أَيْ مَصْحُوبَةً بِهِ فِي الْعُصُرِ الْخَالِيَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ) بَلْ سَبْعَةٌ لِأَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ أَوْ بِغَيْرِهِ يَشْمَلُ أَرْبَعَ صُوَرٍ بِأَنْ كَانَ بِبِنَاءٍ أَوْ فَضَاءٍ أَوْ أَحَدُهُمَا فِي بِنَاءٍ، وَالْآخَرُ فِي فَضَاءٍ وَإِنَّمَا قَيَّدَ الشَّارِحُ بِالْأَرْبَعَةِ لِأَنَّ هَذِهِ الصُّوَرِ الْأَرْبَعَ لَمَّا كَانَ حُكْمُهَا وَاحِدًا كَانَتْ قِسْمًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ: مِنْ فَضَاءٍ) بَيَانٌ لِلْغَيْرِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ بِمَسْجِدٍ) أَيْ غَيْرِ مَا وُقِفَ بَعْضُهُ مَسْجِدًا شَائِعًا عَلَى الْأَوْجَهِ كَمَا أَفْهَمُهُ تَعْلِيلُهُمْ الْآتِي بِأَنَّهُ كُلَّهُ مَبْنِيٌّ لِلصَّلَاةِ اهـ. إيعَابٌ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: كَبِئْرٍ) أَيْ وَمَنَارَةٍ دَاخِلَةٍ فِيهِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَعِبَارَةُ حَجّ وَمَنَارَتُهُ الَّتِي بَابُهَا فِيهِ انْتَهَى وَقَضِيَّتُنَا أَنَّ مُجَرَّدَ كَوْنِ بَابِهَا فِيهِ كَافٍ فِي عَدِّهَا مِنْ الْمَسْجِدِ وَإِنْ لَمْ تَدْخُلْ فِي وَقْفِيَّتِهِ وَخَرَجَتْ عَنْ سَمْتِ بِنَائِهِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْبِئْرُ لَهُ سَلَالِمُ مُعْتَادَةٌ يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ لِلْإِمَامِ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ (قَوْلُهُ: نَافِذَةٌ) أَيْ بِحَيْثُ يُمْكِنُ الِاسْتِطْرَاقُ مِنْ ذَلِكَ