عَنْ صَفٍّ مِنْ جِنْسِهِ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ دَخَلَ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَاكِعٌ فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى الصَّفِّ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ زَادَك اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ» (بَلْ يَدْخُلُ الصَّفَّ إنْ وَجَدَ سَعَةً) بِفَتْحِ السِّينِ وَلَوْ بِلَا خَلَاءٍ بِأَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ دَخَلَ بَيْنَهُمْ لَوَسِعَهُمْ بَلْ لَهُ أَنْ يَخْرِقَ الصَّفَّ الَّذِي يَلِيه فَمَا فَوْقَهُ إلَيْهَا لِتَقْصِيرِهِمْ بِتَرْكِهَا وَلَا يَتَقَيَّدُ خَرْقُ الصُّفُوفِ بِصَفَّيْنِ كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ وَإِنَّمَا يَتَقَيَّدُ بِهِ تَخَطِّي الرِّقَابِ الْآتِي بَيَانُهُ فِي الْجُمُعَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ سَعَةً (أَحْرَمَ ثُمَّ) بَعْدَ إحْرَامِهِ (جَرَّ) إلَيْهِ (شَخْصًا) مِنْ الصَّفِّ لِيَصْطَفَّ مَعَهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ (وَسُنَّ) لِمَجْرُورِهِ (مُسَاعَدَتُهُ) بِمُوَافَقَتِهِ فَيَقِفَ مَعَهُ صَفًّا لِيَنَالَ فَضْلَ الْمُعَاوَنَةِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَجُرُّ أَحَدًا
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَالَ م ر فِي الْفَتَاوَى تَبَعًا لِلشَّرَفِ الْمُنَاوِيِّ: إنَّ الْفَائِتَ عَلَيْهِمْ فَضِيلَةُ الصُّفُوفِ لَا فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ وَمَالَ ع ش إلَى مَا فِي شَرْحِ م ر لِأَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ مَا فِيهِ وَغَيْرُهُ قُدِّمَ مَا فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: مِنْ جِنْسِهِ) خَرَجَ بِالْجِنْسِ غَيْرُهُ كَامْرَأَةٍ وَلَيْسَ هُنَاكَ نِسَاءٌ أَوْ خُنْثَى وَلَيْسَ هُنَاكَ خَنَاثَى فَلَا كَرَاهَةَ بَلْ يُنْدَبُ الِانْفِرَادُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ م ر وَعِبَارَتُهُ وَخَرَجَ بِالْجِنْسِ غَيْرُهُ كَامْرَأَةٍ خَلْفَ رِجَالٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَنْ أَبِي بَكَرَةَ) بِفَتْحِ الْكَافِ أَفْصَحُ مِنْ سُكُونِهَا كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ أَيْ بَكَرَةَ الْبِئْرِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ تَدَلَّى بِهَا مِنْ الطَّائِفِ حِينَ حَاصَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْلَهُ وَجَاءَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْلَمَ (قَوْلُهُ: فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ) يُحْتَمَلُ قِرَاءَتُهُ بِضَمِّ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَبِفَتْحِهَا فَلْتُرَاجَعْ الرِّوَايَةُ وَكُلٌّ مِنْهُمَا صَحِيحٌ، وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِ زَادَك اللَّهُ حِرْصًا الْفَتْحُ وَلَا تَعُدْ بِفَتْحِ التَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ وَضَمِّ الْعَيْنِ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: زَادَك اللَّهُ حِرْصًا) أَيْ عَلَى إدْرَاكِ الْجَمَاعَةِ أَوْ الرَّكْعَةِ وَلَا تَعُدْ لِلِانْفِرَادِ عَنْ الصَّفِّ أَوْ لَا تَعُدْ لِلتَّأَخُّرِ حَتَّى يَفُوتَك أَوَّلُ الْجَمَاعَةِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: لَوَسِعَهُمْ) أَيْ مِنْ غَيْرِ إلْحَاقِ مَشَقَّةٍ لِغَيْرِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ حَجّ وَبَابُهُ عَلِمَ (قَوْلُهُ: إلَيْهِمَا) أَيْ السَّعَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فُرْجَةٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَخْرِقُ إلَّا لِلْفُرْجَةِ لَا لِلسَّعَةِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا فُرْجَةٌ وَقِيلَ الضَّمِيرُ فِي إلَيْهَا رَاجِعٌ لِلسَّعَةِ بِمَعْنَى الْفُرْجَةِ فَيَكُونُ فِي كَلَامِهِ اسْتِخْدَامٌ اهـ. وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ عَلَى م ر فَخَرَجَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فُرْجَةً لَكِنْ هُنَاكَ مَا لَوْ وَقَفَ فِيهِ لَوَسِعَهُ فَلَا يَتَخَطَّى فِيهِ لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ وَهَذَا مَا اقْتَضَاهُ ظَاهِرُ التَّحْقِيقِ وَسَوَّى الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ بَيْنَهُمَا تَبَعًا لِلْمَجْمُوعِ اهـ. (قَوْلُهُ: لِتَقْصِيرِهِمْ بِتَرْكِهَا) فَلَوْ عَرَضَتْ فُرْجَةٌ بَعْدَ كَمَالِ الصَّفِّ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَمُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ بِالتَّقْصِيرِ عَدَمُ الْخَرْقِ إلَيْهَا وَيُحْتَمَلُ غَيْرُهُ قَالَهُ م ر فِي شَرْحِهِ وَقَوْلُهُ: فَلَوْ عَرَضَتْ فُرْجَةٌ إلَخْ أَيْ بِأَنْ عَلِمَ عُرُوضَهَا أَمَّا لَوْ وَجَدَهَا وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلُ أَوْ طَرَأَتْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَخْرِقُ لِيَصِلَهَا إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ سَدِّهَا سِيَّمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَحْوَالِ الْمَأْمُومِينَ الْمُعْتَادَةِ لَهُمْ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ) هُوَ الْإِمَامُ الْإِسْنَوِيُّ.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَتَقَيَّدُ بِهِ تَخَطِّي الرِّقَابِ) أَيْ وَهُوَ الْمَشْيُ بَيْنَ الْقَاعِدِينَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَدْخُلُوا فِي الصَّلَاةِ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ تَقْصِيرُهُمْ وَأَمَّا خَرْقُ الصُّفُوفِ فَهُوَ الْمَشْيُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ وَهُمَا قَائِمَانِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَ إحْرَامِهِ إلَخْ) أَمَّا قَبْلَهُ فَمَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ الشِّهَابُ م ر اهـ. شَوْبَرِيٌّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ سَوَّكَ غَيْرَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ بَعْدَ الزَّوَالِ حَيْثُ حَرُمَ أَوْ زَالَ دَمُ الشَّهِيدِ أَنَّ هَذَا مَأْذُونٌ فِيهِ شَرْعًا لَكِنَّهُ تَعَجَّلَهُ بِخِلَافِ ذَاكَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: جَرَّ إلَيْهِ شَخْصًا) فَإِنْ كَانَ رَقِيقًا وَتَلِفَ ضَمِنَهُ وَإِنْ ظَنَّهُ حُرًّا وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا لَوْ سَجَدَ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَضْمَنْ هُنَاكَ وَيَضْمَنُ هُنَا مَعَ الِاسْتِيلَاءِ هُنَا وَهُنَاكَ أَيْضًا اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَمَحَلُّ الْجَرِّ الْمَذْكُورِ إنْ جَوَّزَ مُوَافَقَتَهُ وَكَانَ حُرًّا وَأَنْ يَكُونَ الصَّفُّ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ) أَيْ فِي بُطْلَانِهَا بِالِانْفِرَادِ عَنْ الصَّفِّ قَالَ بِهِ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ خُزَيْمَةُ، وَالْحُمَيْدِيُّ اهـ. شَوْبَرِيٌّ أَيْ، وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ (قَوْلُهُ: لِيَنَالَ مَعَهُ فَضْلَ الْمُعَاوَنَةِ) أَيْ مَعَ حُصُولِ ثَوَابِ صَفِّهِ الَّذِي كَانَ فِيهِ أَوَّلًا لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ إلَّا لِعُذْرٍ اهـ. شَرْحُ حَجّ وس ل وع ش.
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَجُرُّ أَحَدًا) فَإِنْ فَعَلَ كُرِهَ وَلَمْ يَحْرُمْ لِأَنَّ الْجَرَّ مَطْلُوبٌ فِي الْجُمْلَةِ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُصَيِّرُ أَحَدَهُمَا مُنْفَرِدًا أَيْ فِي زَمَنٍ مِنْ الْأَزْمِنَةِ فَلَا يُقَالُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَصْطَفَّ مَعَ الْإِمَامِ فَلَا يَكُونُ مُنْفَرِدًا كَمَا فِي ح ل أَعْنِي قَوْلَهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَجُرُّ أَحَدًا إلَخْ شَرْطٌ رَابِعٌ يُضَمُّ لِلثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَوَّلُهَا أَنْ يَكُونَ الْجَرُّ بَعْدَ إحْرَامِهِ وَأَنْ يَجُوزَ مُوَافَقَتُهُ وَإِلَّا امْتَنَعَ خَوْفَ الْفِتْنَةِ وَأَنْ يَكُونَ حُرًّا لِئَلَّا يَدْخُلَ غَيْرُهُ فِي ضَمَانِهِ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ كَمَا فِي شَرْحِ م وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ شُرُوطَ الْجَرِّ فِي بَيْتٍ فَقَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute