للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْيَمِينُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُعَظِّمُهُ الْحَالِفُ أَغْلَظُ، وَتَجُوزُ مُرَاعَاةُ اعْتِقَادِهِمْ لِشُبْهَةِ الْكِتَابِ كَمَا رُوعِيَ فِي قَبُولِ الْجِزْيَةِ (لَا) بَيْتُ (صَنَمٍ لِوَثَنِيٍّ) لِأَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الْحُرْمَةِ وَلِأَنَّ دُخُولَهُ مَعْصِيَةٌ بِخِلَافِ دُخُولِ الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ وَبَيْتِ النَّارِ، وَاعْتِقَادُهُمْ فِيهِ غَيْرُ مَرْعِيٍّ فَيُلَاعَنُ بَيْنَهُمْ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ، وَصُورَتُهُ أَنْ يَدْخُلُوا دَارَنَا بِأَمَانٍ أَوْ هُدْنَةٍ وَيَتَرَافَعُوا إلَيْنَا وَالتَّغْلِيظُ فِي حَقِّ الْكُفَّارِ بِالزَّمَانِ مُعْتَبَرٌ بِأَشْرَفِ الْأَوْقَاتِ عِنْدَهُمْ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَجَمْعٌ) أَيْ وَبِحَضْرَةِ جَمْعٍ مِنْ أَعْيَانِ الْبَلَدِ (أَقَلُّهُ أَرْبَعَةٌ) لِثُبُوتِ الزِّنَا بِهِمْ وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُمْ مِمَّنْ يَعْرِفُ لُغَةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَكَوْنُهُمْ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ.

(وَ) سُنَّ (أَنْ يَعِظَهُمَا قَاضٍ) وَلَوْ بِنَائِبِهِ كَأَنْ يَقُولَ: إنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ وَيَقْرَأَ عَلَيْهِمَا {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ} [آل عمران: ٧٧] الْآيَةَ (وَ) أَنْ (يُبَالِغَ) فِي الْوَعْظِ (قَبْلَ الْخَامِسَةِ) فَيَقُولُ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّ الْخَامِسَةَ مُوجِبَةٌ لِلَّعْنِ وَيَقُولُ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ بِلَفْظِ الْغَضَبِ لَعَلَّهُمَا يَنْزَجِرَانِ وَيَتْرُكَانِ فَإِنْ أَبَيَا لَقَّنَهُمَا الْخَامِسَةَ.

(وَ) أَنْ (يَتَلَاعَنَا مِنْ قِيَامٍ) لِيَرَاهُمَا النَّاسُ وَيَشْتَهِرَ أَمْرُهُمَا وَتَجْلِسَ هِيَ وَقْتَ لِعَانِهِ، وَهُوَ وَقْتَ لِعَانِهَا.

(وَشَرْطُهُ) أَيْ الْمُلَاعِنِ (زَوْجٌ يَصِحُّ طَلَاقُهُ) عَلَى مَا يَأْتِي (وَلَوْ) سَكْرَانَ وَذِمِّيًّا وَرَقِيقًا وَمَحْدُودًا فِي قَذْفٍ وَلَوْ (مُرْتَدًّا بَعْدَ وَطْءٍ) أَوْ اسْتِدْخَالِ مَنِيٍّ فَيَصِحُّ لِعَانُهُ وَإِنْ قَذَفَ فِي الرِّدَّةِ وَأَصَرَّ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ لِتَبَيُّنِ وُقُوعِهِ فِي النِّكَاحِ فِيمَا إذَا لَمْ يُصِرَّ وَكَمَا لَوْ قَذَفَهَا زَوْجُهَا ثُمَّ أَبَانَهَا فِيمَا إذَا قَذَفَهَا قَبْلَ الرِّدَّةِ وَأَصَرَّ وَكَمَا لَوْ أَبَانَهَا ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًا مُضَافٍ إلَى حَالَ النِّكَاحِ فِيمَا إذَا قَذَفَهَا فِي الرِّدَّةِ، وَأَصَرَّ وَثَمَّ وَلَدٌ (لَا إنْ أَصَرَّ وَقَذَفَ فِي رِدَّةٍ وَلَا وَلَدَ ثَمَّ) فَلَا يَصِحُّ لِعَانُهُ لِتَبَيُّنِ الْفُرْقَةِ مِنْ حِينِ الرِّدَّةِ مَعَ وُقُوعِ الْقَذْفِ فِيهَا وَلَا وَلَدَ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِي وَلَا وَلَدَ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَيُلَاعِنُ وَلَوْ مَعَ إمْكَانِ بَيِّنَةٍ بِزِنَاهَا) ؛ لِأَنَّهُ حُجَّةٌ كَالْبَيِّنَةِ وَصَدَّنَا عَنْ الْأَخْذِ بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ} [النور: ٦] مِنْ اشْتِرَاطِ تَعَذُّرِ الْبَيِّنَةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَإِلَّا فَقَدْ انْعَكَسَ الْحُكْمُ الْآنَ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الْحُرْمَةِ) لِأَنَّ أَهْلَهُ وَهْم عَبَدَةُ الْأَصْنَامِ لَا كِتَابَ لَهُمْ وَلَا شُبْهَةَ كِتَابٍ وَلَوْ كَانَ فِي الْبَيْعَةِ أَوْ الْكَنِيسَةِ صُورَةٌ لَمْ يُلَاعِنْ فِيهَا ح ل. (قَوْلُهُ: بَيْنَهُمْ) أَيْ: بَيْنَ مَنْ يَعْبُدُ الْأَصْنَامَ. (قَوْلُهُ وَصُورَتُهُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: كَيْفَ يُلَاعَنُ بَيْنَ عَبَدَةِ الْأَصْنَامِ مَعَ أَنَّهُمْ لَا يُقِرُّونَ فِي دَارِنَا بِالْجِزْيَةِ، وَأَيْضًا فَأَمْكِنَةُ الْأَصْنَامِ مُسْتَحَقَّةُ الْهَدْمِ كَمَا فِي زي

. (قَوْلُهُ: زَوْجٌ) جَعْلُ الزَّوْجِ هُنَا شَرْطًا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ رُكْنٌ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ رُكْنٌ فِي اللِّعَانِ، وَشَرْطٌ فِي الْمُلَاعِنِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الشَّارِحُ أَيْ: الْمُلَاعِنَ وَلَمْ يَقُلْ أَيْ اللِّعَانَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: صَحَّ طَلَاقُهُ) إنْ قُلْت سَيَأْتِي أَنَّهُ يُلَاعِنُ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ لِنَفْيِ الْوَلَدِ فِي قَوْلِهِ وَيُلَاعِنُ لِنَفْيِ الْوَلَدِ وَإِنْ عَفَتْ عَنْ عُقُوبَةٍ وَبَانَتْ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ بَلْ وَلَا زَوْجِيَّةَ أَصْلًا فَالْجَوَابُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ عَلَى مَا يَأْتِي أَيْ: لِإِدْخَالِ هَذِهِ الصُّورَةِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: زَوْجٌ يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَلَوْ فِيمَا مَضَى فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ قَوْلِهِ عَلَى مَا يَأْتِي عَقِبَ قَوْلِهِ زَوْجٌ شَيْخُنَا وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: زَوْجٌ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ أَوْ الصُّورَةِ لِيَدْخُلَ مَا يَأْتِي فِي الْبَائِنِ وَنَحْوِهَا كَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ، وَالْمَنْكُوحَةِ نِكَاحًا فَاسِدًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَكْرَانَ) أَيْ: لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ. (قَوْلُهُ: وَمَحْدُودًا فِي قَذْفٍ) أَيْ: قَذْفٍ آخَرَ بِأَنْ قَذَفَهَا قَبْلَ عَقْدِهِ عَلَيْهَا أَوْ بَعْدَهُ وَحُدَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَذَفَهَا بَعْدَ الْحَدِّ فَيُلَاعِنُ لِدَفْعِ الْحَدِّ عَنْهُ بِالْقَذْفِ الثَّانِي وَلَا يُقَالُ: تَبَيَّنَ كَذِبُهُ بِحَدِّهِ فِي الْقَذْفِ الْأَوَّلِ فَلَا يُلَاعِنُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُرْتَدًّا) أَعَادَ لَوْ لِيُفِيدَ أَنَّ قَوْلَهُ بَعْدَ وَطْءٍ قَيْدٌ فِي الْمُرْتَدِّ فَقَطْ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: بَعْدَ وَطْءٍ) قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ التَّفَاصِيلِ الْآتِيَةِ وَإِلَّا فَيُلَاعِنُ قَبْلَ الْوَطْءِ أَيْضًا لِنَفْيِ وَلَدٍ.

(قَوْلُهُ: أَوْ اسْتِدْخَالِ مَنِيٍّ) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ. (قَوْلُهُ: وَأَصَرَّ) أَيْ وَإِنْ أَصَرَّ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ أَيْ: لَمْ يَرْجِعْ فِيهَا إلَى الْإِسْلَامِ. (قَوْلُهُ فِيمَا إذَا لَمْ يُصِرَّ) أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ: لَا إنْ أَصَرَّ وَتَحْتَهُ صُوَرٌ أَرْبَعَةٌ أَيْ: سَوَاءٌ قَذَفَ قَبْلَ الرِّدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ: فِيمَا إذَا قَذَفَهَا قَبْلَ الرِّدَّةِ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ وَقَذَفَ فِي رِدَّةٍ وَتَحْتَهُ صُورَتَانِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ فِيمَا إذَا قَذَفَهَا فِي الرِّدَّةِ إلَخْ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَلَا وَلَدَ وَهُوَ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ فَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ مَفْهُومُ الْقُيُودِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: وَكَمَا لَوْ قَذَفَهَا إلَخْ) قَدَّمَ الْمَقِيسَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَقِيسِ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَكَمَا لَوْ أَبَانَهَا إلَخْ.

(قَوْلُهُ: لَا إنْ أَصَرَّ وَقَذَفَ فِي رِدَّةٍ إلَخْ) حَاصِلُ الصُّوَرِ ثَمَانِيَةٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَقْذِفَ قَبْلَ الرِّدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يُصِرَّ عَلَى الرِّدَّةِ أَوْ لَا وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ ثَمَّ وَلَدٌ أَمْ لَا فَإِنْ قَذَفَ قَبْلَ الرِّدَّةِ لَاعَنَ مُطْلَقًا أَصَرَّ عَلَى الرِّدَّةِ أَمْ لَا كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ أَمْ لَا فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَإِنْ قَذَفَ بَعْدَ الرِّدَّةِ، وَأَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ لَاعَنَ سَوَاءٌ أَكَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ لَاعَنَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَلَدٌ لَمْ يُلَاعِنْ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يُلَاعِنُ فِي سَبْعَةٍ وَإِنْ اعْتَبَرْنَا الدُّخُولَ أَيْ الْوَطْءَ فِي الْقُبُلِ أَوْ الدُّبُرِ، أَوْ اسْتِدْخَالَ الْمَنِيِّ تَكُونُ الْمَسَائِلُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ وَكُلُّهَا يُلَاعِنُ فِيهَا إلَّا فِي صُورَةٍ وَهِيَ الْمُسْتَثْنَاةُ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ، وَقَالَ شَيْخُنَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَقْذِفَ قَبْلَ الرِّدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يُصِرَّ عَلَى الرِّدَّةِ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَوْ لَمْ يُصِرَّ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ وَلَدٌ أَمْ لَا فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ سَبْعَةٌ يُلَاعِنُ فِيهَا، وَوَاحِدَةٌ لَا يُلَاعِنُ فِيهَا وَهَذِهِ الثَّمَانِيَةُ تُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَإِنْ قَذَفَ فِي الرِّدَّةِ وَأَصَرَّ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ لِأَنَّ الْمَعْنَى سَوَاءٌ قَذَفَ فِي الرِّدَّةِ أَمْ لَا، أَصَرَّ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ أَمْ لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>