فقال: أمجنون صاحبكم هذا؟ فسمعه أبو مسلم فقال: ليس هذا بالجنون يا ابن أخي، ولكن هذا ذو الجنون.
[السادسة والأربعون]
أن في القلب قسوة لا يذيبها إلا ذكر الله تعالى، فينبغي للعبد أن يداوي قسوة قلبه بذكر الله تعالى.
وذكر حماد بن زيد عن المعلى أبن زياد أن رجلاً قال للحسن: يا أبا سعيد، أشكو إليك قسوة قلب.
قال: أذبه بالذكر.
وهذا لأن القلب كلما اشتدت به الغفلة، اشتدت به القسوة، فإذا ذكر الله تعالى ذابت تلك القسوة كما يذوب الرصاص في النار.
فما أذيبت قسوة القلوب بمثل ذكر الله عز وجل.
[السابعة والأربعون]
أن الذكر شفاء القلب ودواؤه، والغفلة مرضه، فالقلوب مريضة وشفاؤها دواؤها في ذكر الله تعالى.
قال مكحول: ذكر الله تعالى شفاء، وذكر الناس داء.
وذكر البيهقي عن مكحول مرفوعاً ومرسلاً ذكرته شفاها وعافاها، فإذا غفلت عنه انتكست، كما قيل:
إذا مرضنا تداوينا بذكركم فتترك الذكر أحياناً فننتكس
[الثامنة والأربعون]
أن الذكر أصل موالاة الله عز وجل ورأسها، والغفلة أصل معاداته ورأسها، فإن العبد لا يزال يذكر ربه عز وجل حتى يحبه فيواليه، ولا يزال يغفل عنه حتى يبغضه فيعاديه.
قال الاوزاعي: قال حسان ابن عطية: ما عادى عبد ربه بشئ أشد عليه من أن يكره ذكره أو من يذكره.
فهذه المعاداة سببها الغفلة ولا تزال بالعبد حتى يكره