من ذكره، ولذكره الله تعالى إياكم أكبر من ذكركم إياه، وهذا يروى عن ابن عباس وسلمان وأبي الدرداء وابن مسعود رضي الله عنهم، وذكر ابن أبي الدنيا عن فضيل ابن مرزوق عن عطية {ولذكر الله أكبر} قال: وهو قوله تعالى: {فاذكروني أذكركم} فذكر الله تعالى لكم أكبر من ذكركم إياه.
وقال ابن زيد وقتادة: معناه: ولذكر الله أكبر من كل شيء.
وقيل لسلمان: أي الأعمال أفضل؟ أما تقرأ القرآن {ولذكر الله أكبر} ويشهد لهذا حديث أبي الدرداء المتقدم «ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وخير لكم من إنفاق الذهب والورق» الحديث.
وكان شيخ الإسلام أبو العباس قدس الله روحه يقول: الصحيح أن معنى الآية أن الصلاة فيها مقصودان عظيمان، وأحدهما أعظم من الآخر: فإنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهي مشتملة على ذكر الله تعالى، ولما فيها من ذكر الله أعظم من نهيها عن الفحشاء والمنكر.
وذكر ابن أبي الدنيا عن ابن عباس أنه سئل: أي العمل أفضل؟ قال: ذكر الله أكبر.
وفي السنن عن عائشة عن النبي صلى اله عليه وسلم قال:«إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله تعالى» رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
[السادسة والخمسون]
أن أفضل أهل كل عمل أكثرهم فيه ذكراً لله عز وجل، فأفضل الصوام أكثرهم ذكراً لله عز وجل في صومهم، وأفضل المتصدقين أكثرهم ذكراً لله عز وجل، وأفضل الحاج أكثرهم ذكراً لله عز وجل.
وهكذا سائر الأحوال.
وقد ذكر ابن أبي الدنيا حديثاً مرسلاً في ذلك «أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل: أي أهل المسجد خير؟ قال: أكثرهم ذكراً لله عز وجل قيل: أي الجنازة خير؟ قال: أكثرهم ذكراً لله عز وجل قيل: فأي المجاهدين خير؟ قال: أكثرهم ذكراً لله عز وجل قيل فأي الحجاج خير؟ قال: أكثرهم ذكراً لله عز وجل قيل: وأي العباد خير؟ قال: أكثرهم ذكراً لله عز وجل» قال أبو بكر: ذهب الذاكرون بالخير كله.
وقال عبيد بن عمير: إن أعظمكم هذا الليل أن تكابدوه، وبخلتم على المال أن تنفقوه، وجبنتم عن العدو أن تقاتلوه: فأكثروا من ذكر الله عز وجل.