والعارفون عملوا على المراتب والمنزلة والزلفى عند الله.
وأعمال هؤلاء القلبية أكثر من أعمال أولئك، وأعمال أولئك البدنية قد تكون أكثر من أعمال هؤلاء.
وذكر البيهقي عن محمد بن كعب القرظي رحمه الله تعالى قال: قال موسى عليه السلام: يا رب، أي خلقك أكرم عليك؟ قال: الذي لا يزال لسانه رطباً بذكري.
قال: يا رب، فأي خلقك أعلم؟ الذي يلتمس إلى عمله علم غيره.
قال: يا رب، أي خلقك أعدل؟ قال: الذي يقضي على نفسه كما يقضي على الناس.
قال يا رب، أي خلقك أعظم ذنباً؟ قال الذي يتهمني.
قال: يا رب، وهل يتهمك أحد؟ قال: الذي يستخبرني ولا يرضى بقضائي.
وذكر أيضاً عن أبن عباس قال: لما وقد موسى عليه السلام إلى طور سيناء قال: يا رب، أي عبادك أحب إليك؟ قال الذي يذكرني ولا ينساني.
وقال كعب: قال موسى عليه السلام: يا رب، أقريب أنت فأناجيك، أم بعيد فأناديك؟ فقال تعالى: يا موسى، أنا جليس من ذكرني.
قال: أني أكون على حال أجلك عنها.
قال: ما هي يا موسى؟ قال: عند الغائط والجنابة.
قال: أذكرني على كل حال.
وقال عبيد بن عمير: تسبيحة بحمد الله في صحيفة مؤمن خير له من جبال الدنيا تجري معه ذهباً.
وقال الحسن: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: سيعلم أهل الجمع من أولى بالكرم، أين الذين كانت {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون} قال فيقومون فيتخطون رقاب الناس.
قال: ثم ينادي مناد: سيعلم أهل الجع من أولى بالكرم، أين الذي كانت {لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله} قال فيقومون فيتخطون من رقاب الناس.
قال ثم ينادي مناد: وسيعلم أهل الجمع من أولى بالكرم، أين الحمادون لله على كل حال؟ قال فيقومون وهم كثير.
ثم يكون التنعيم والحساب فيمن بقي.
وأتى رجل مسلم الخولاني فقال له: أوصني يا أبا مسلم.
قال: أذكر الله تعالى تحت كل شجرة ومدرة.
فقال له زدني.
فقال: أذكر الله حتى يحسبك الناس من ذكر الله تعالى مجنوناً.
قال: وكان أبو مسلم يكثر ذكر الله تعالى، فرآه رجل وهو يذكر الله تعالى