وأما الفقرة الثالثة، التي علق فيها على خبر في تقرير صحفي نشرته الأهرام عن مؤتمر الاقتصاد الإسلامي، وما قاله أحد من سماهم "أئمة الدين": "أن رجال الشريعة، قادرون على أن يقولوا كلمتهم في كل شيء"، فأقصى ما كان ينبغي أن يقال فيها إنها عبارة سيئة أيضا عن معنى صحيح، وهو أن كتاب الله وسنة نبيه، فيهما أصول جامعة، ليستنبط منها علماء الأمة المسلمة في كل زمان طريقا صحيحا للعمل ما استطاعوا. ولا يكون عالما من علماء الأمة من يتكلم في شيء يجهله من شئون زمانه كالذي نراه اليوم ممن يتكلم في الأدب، وهو لا يحسن شيئًا منه، وفي الاقتصاد، وهو يجهل أصوله ولم يتعلمها تعلما كافيا، وفي الفلسفة وهو لا يحسن إلا ما يعرف من قشورها، والدكتور زكي أخبر بهؤلاء وقد تناولهم في بعض ما كتب، مع أنهم يتولون تعليم الفلسفة في الجامعات، كما قال.
وإذن، فالسيل قد أغرق الزُّبى، لا بهذا الذي ذكره في الفقرات الثلاث التي ظن أنها عودة إلى السلف، بل هو قد أغرق الزبى، وغطى قمم الجبال بعبث آخر يجرى في حياتنا الفكرية والعقلية على يد من يكرهون العودة إلى السلف، وعلى كل حال، فأنا سلكت نفس الطريق الذي سلكه أخي الدكتور زكي، في ترك المواجهة بالألفاظ الصريحة الدالة على المعاني الواضحة، وتحيتى إلى الصديق الكريم.