"إنما حَمَلتُ أمانة هذا القلم لأَصْدعَ بالحق جِهارًا في غير جَمْجَمَة ولا إِدْهان. ولو عرفتُ أني أعجَزُ عن حَمْل هذه الأمانة بحقِّها لقذفتُ به إلى حيث يذِلُّ العزيز ويُمْتَهَن الكريم. . . وأنا جنديٌّ من جنود هذه العربية، لو عرفتُ أني سوف أحمل سيفا أو سِلاحًا أَمْضَى من هذا القلم لكان مكاني اليوم في ساحة الوغى في فلسطين، ولكني نَذَرتُ على هذا القلم أن لا يكُفَّ عن القتال في سبيل العرب ما استطعتُ أن أحمله بين أناملي، وما أتيح لي أن أجد مكانًا أقول فيه الحق وأدعو إليه، لا ينهاني عن الصراحة فيه شيء مما ينهى الناس أو يخدعهم أو يغرر بهم أو يغريهم بباطل من باطل هذه الحياة".
الرسالة، العدد ٧٥٦، ديسمبر ١٩٤٧، ص ٣، ١٤،
المقالات ١: ٤٩٠
"ولهذه الفصول غرض واحد. . . هو الدفاع عن أمة برُمَّتها، هي أمتي العربية الإسلامية. . . فصار حقًا عليَّ واجبًا أن لا أتلجلجَ أو أُحْجِم أو أُجَمْجِمَ، أوأداري، ما دُمْت قد نَصَبْتُ نفسي للدفاع عن أُمَّتي ما استطعت إلى ذلك سبيلا = وصار حقًا عليَّ أن أستخلص تجاربَ خمسين سنة من عمري قضيتُها قَلِقًا حائرًا، أصارِع في نفسي آثارَ عدوٍّ خَفِيٍّ، شديدِ النِّكاية، لم يَلْفِتْنى عن هول صِراعه شيءٌ، منذ استحكمت قُوَّتى واستنارت بصيرتي".
أباطيل وأسمار، ص: ١٠ - ١١
* * *
رحمة الله عليك يا أبا فهر، رحمة الله عليك! قَلْب الأمة الإسلامية المتوثب، وعينها الساهرة، وحصنها الحصين.
فإن تكن قد ذهبت إلى ربك راضيا مَرضِيًّا، ففي قلب هذه الأمة تعيش روحك الخالدة التي لا تفنى، وفي قلب هذه الأمة يُحْفَر قبرك الَّذي لا يُنسَى.