بعد ذلك كتابا واحدا يحمل ذرة من هذا "الشك" الذي زعم أنه منهج، ويزعمه له أمثال الدكتور المقالح، وهذه بالطبع غريبة من الغرائب.
أما "الثانية" فإني نشرت كتابى عن "المتنبى" أول مرة، في المقتطف (يناير سنة ١٩٣٦)، وبعد سنة أو أكثر (سنة ١٩٣٧) فاجأنى الدكتور طه بكتابه "مع المتنبى" فرأبت وأنا أقرؤه، أنه لم يفارق عادته التي اعتادها، وأنه وضعنى تحت إبطه وهو يملى كتابه، فيسألنى عن منهجى في كل قضية تخص المتنبى، فإذا فرغت سار على الدرب فرحا ومتفكها ومعاكسا ومستخرجا لغيظى، إلى آخر ما قصصت من القصة، قصة السطو على كتابى، وأيضا لم يؤلف بعد ذلك كتابا عن شاعر من الشعراء، غير كتابه "مع المتنبى" يحمل ذرة واحدة من هذا المنهج" الذي يزعم للناس أنه هو منهجه في دراسة الشعراء. وهذه بالطبع أيضا غريبة من أغرب الغرائب! !
ولكن يومئذ (سنة ١٩٣٧)، لم أصبر عليه صبرى عليه في قضية سطوه على مرجليوث، بل نشرتُ مقالات متتابعة في جريدة البلاغ، مرة في الأسبوع من ٣ فبراير سنة ١٩٣٧ إلى مايو سنة ١٩٣٧ واتهمته بالدليل والبرهان على أن عادته في "السطو" لم تزل قائمة في نفسه لا يستطيع أن يفارقها، وزدت الأمر وضوحا في مقدمة كتابى التي كتبتها سنة ١٩٧٧، قلت ذلك في حياته، كما ترى مع وجود تهمة "السطو" بلفظها وبلا كناية، وسكت الدكتور طه حسين لأنه لم يستطع أن ينفي عن نفسه التهمة، ولا استطاع ذلك يومئذ "تلامذته المنتشرون على طول الساحة العربية إزاء هذا الهجوم الذي يُكال لأستاذهم العميد" كما يقول المقالح (مقالات البلاغ، منشورة في الجزء الثاني من كتابى المتنبى).
وقلت في جميع ذلك إن الدكتور طه وسائر الأساتذة الكبار الذين تعودوا "السطو" هم الذين نشروا هذه السُنة، فصارت سُنة سيئة متبعة إلى يومنا هذا -بلا حياء- في جميع حياتنا الثقافية والأدبية والفنية وشرح هذه القضية يطول، وهي قضية أخرى غير القضية التي يذكرها المقالح، فلم أتعرض لها بتفصيل، لأنه