للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا خَفِيٍّ. وَالْقَضَاءُ يَنْفُذُ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا

غيره، والمراد بالنص هنا الظاهر. أما مجرد التعارض لقيام بينة بعد الحكم -بخلاف ما قامت به البينة التي حكم بها- فإن قطع بما يوجب بطلان الحكم الأول أبطل وإلا فلا. ويدخل في قوله باجتهاد ما لو حكم بنص ثم بان نسخه أو خروج تلك الصورة عنه بدليل. وينقض أيضا حكم مقلد (١) بما يخالف نص إمامه; لأنه بالنسبة إليه كنص الشارع بالنسبة للمجتهد، ومثله حكم غير متبحر بغير المعتمد (٢) عند أهل المذهب؛ لأنه لم يرتق عن رتبة التقليد. وينقض حكم من لا يصلح للقضاء وإن وافق المعتمد أي: ما لم يكن قاضي ضرورة; لما مر أنه ينفذ حكمه بالمعتمد في مذهبه. ويجب نقض حكم من حكم بخلاف الراجح في مذهبه. وينفذ حكم من له أهلية الترجيح إذا رجَّح قولا ولو مرجوحا في مذهبه بدليل جيد، وليس له أن يحكم بشاذ أو غريب في مذهبه إلا إن ترجح عنده ولم يشرط عليه التزام مذهب باللفظ أو العرف كقول موليه في عقد التولية ((على قاعدة من تقدمه)). ولو حكم حاكم بالصحة في قضية من بعض وجوه اشتملت عليها فلمخالفه الحكم بفسادها من وجه آخر كصغيرة زوجها غير مجبر بغير كفء، ويلزمه التسجيل بالنقض إن سجل بالمنقوض، ومتى نقض حكم غيره سئل عن مستنده، وقولهم لا يسأل القاضي عن مستنده محله إذا لم يكن حكمه نقضا أي ومحله أيضا إذا لم يكن فاسقا أو جاهلا (لا) ما بان خلاف قياس (خفي) وهو ما لا يبعد احتمال الفارق فيه كقياس الذرة على البر في الربا بجامع الطعم فلا ينقضه؛ لاحتماله. (والقضاء) أي الحكم الذي يستفيده القاضي بالولاية فيما باطن الأمر فيه بخلاف ظاهره تنفيذا كان أو غيره (ينفذ ظاهرا لا باطنا (٣) فالحكم بشهادة كاذبين ظاهرهما العدالة لا يفيد الحل باطنا لمال، ولا لبضع؛ لخبر الصحيحين ((لعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له بنحو ما أسمع منه فمن قضيت له من حق أخيه بشيء فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار)). ويلزم المحكوم عليها بنكاح كاذب الهرب بل والقتل إن قدرت عليه كالصائل على البضع، ولا نظر لكونه


(١). أي ولو لغير ضرورة خلافا للمغني ووفاقا للنهاية.
(٢). بل وكذلك المتبحر إذا اشترط عليه-ولو عرفا- الحكم بالمعتمد كما يفهم من كلام الشارح أول الكتاب.
(٣). ذكر الشارح في الوقف أن الأصح أن حكم الحاكم في محل اختلاف المجتهدين ينفذ باطنا بمعنى ترتب الآثار عليه من حل وحرمة ونحوهما ٦/ ٢٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>