للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: يُسَنُّ إدَامَةُ نَظَرِهِ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ. وَقِيلَ: يُكْرَهُ تَغْمِيضُ عَيْنَيْهِ، وَعِنْدِي لَا يُكْرَهُ، إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا. وَالخُشُوعُ، وَتَدَبُّرُ الْقِرَاءَةِ، وَالذِّكْرِ، وَدُخُولُ الصَّلَاةِ بِنَشَاطِ وَفَرَاغِ قَلْبٍ،

أو ثمان فسجدتان ثمّ ثلاث، ويتصور ذلك بترك طمأنينة أو سجود على نحو عمامة. وفي كلِّ ذلك يسجد للسهو (١). ولو تذكر ترك سنة أتى بها ما بقي محلها بخلاف رفع اليدين بعد التكبير والافتتاح بعد التعوذ؛ لفوات اسم الافتتاح بالتعوذ، أما إن كان اسمه باقياً كما في تكبير العيد فله إن يأتي بهن بعد التعوذ وإن فاتته سنة الترتيب.

(قلت: يسن إدامة نظره) ولو أعمى وإن كان عند الكعبة أو فيها أو يصلي على جنازة (٢) (إلى موضع سجوده) في جميع صلاته؛ لقربه من الخشوع، نعم يقصر نظره على مسبحته عند رفعها في التشهد؛ لخبر فيه، (وقيل يكره تغميض عينيه) كاليهود (وعندي لا يكره)؛ إذ لم يصح فيه نهي (إن لم يخف ضرراً)؛ لأنه يمنع تفريق الذهن، بل التغميض أولى إذا شوش عدمه خشوعه أو حضور قلبه مع ربه، أما إن خاف ضررا على نفسه أو غيره فيكره بل يحرم إن ظنّ ترتب حصول ضرر عليه لا يحتمل عادة، (و) يسن (الخشوع) -بقلبه بأن لا يُحْضِر فيه غير ما هو فيه وإن تعلق بالآخرة وبجوارحه بأن لا يعبث بأحدها-؛ لانتفاء ثواب الصلاة بانتفائه، فيكره الاسترسال مع حديث النفس العبث كتسوية ردائه أو عمامته لغير ضرورة من تحصيل سنة أو دفع مضرة، (وتدبر القراءة) أي تأمل معانيها إجمالا -لا تفصيلاً؛ لأنه يشغله عما هو بصدده-؛ ليكمل الخشوع، ويسن ترتيل القراءة وسؤال أو ذكر ما يناسب المتلو من رحمة أو رهبة أو تنزيه أو استغفار (و) تدبر (الذكر) كالقراءة، نعم لا بد أن يعرف معناه ولو بوجه كي يثاب عليه بخلافها؛ للتعبد بلفظها، (ودخول الصلاة بنشاط)؛ لأنه تعالى ذم تاركيه بقوله {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} النساء: ١٤٢ (وفراغ قلب (٣) عن الشواغل (٤)؛ لحديث ((ليس للمؤمن من صلاته إلا ما عقل))، وبه يتأيد القول بأن حديث النفس الاختياري


(١). وهناك تفصيل سيذكره المصنف فيما لو نسي ركن بعد السلام وشرع فورا في صلاة أخرى.
(٢). وفاقا للنهاية وخلافا للمغني.
(٣). ولبس العمامة والطيلسان فيها كما ذكره الشارح في اللباس ٣/ ٣٩.
(٤). ظاهره مطلقا لكنهما قيداها بالدنيوية.

<<  <  ج: ص:  >  >>