للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: فَإِنْ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ حَقٌّ كَالزَّكَاةِ وَالْجَانِي وَالمَرْهُونِ وَالمَبِيعِ إذَا مَاتَ المُشْتَرِي مُفْلِسًا قُدِّمَ عَلَى مُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ، وَاَللهُ أَعْلَمُ

(قلت) محل تأخر الدين عن مؤن التجهيز إذا لم يتعلق بعين التركة حق (فإن تعلق بعين التركة حق (١) بغير حجر في الحياة قدم (كالزكاة) الواجبة فيها قبل موته وإن كانت من غير الجنس فتقدم على مؤنة التجهيز بل على سائر الحقوق المتعلقة بالتركة؛ لما مر، ولو تلف النصاب بعد التمكن إلا قدر الزكاة كشاة من أربعين مات عنها فقط لم يقدم إلا ربع عشرها؛ لأن حق الفقراء من التالف ديون مرسلة فتؤخر؛ لما تقرر أن الكلام في زكاة متعلقة بعين موجودة (والجاني) هو كما بعده أمثلة للتركة المتعلق بها حق (٢)، وعليه فإذا تعلق أرش الجناية برقبته -ولو بالعفو عن قوده- قدم المجني عليه بأقل الأمرين من الأرش وقيمة الجاني حتى عن المرتهن؛ لانحصار تعلقها في الرقبة، فلو قدم غيرها فاتت. أما إذا تعلق برقبته قود أو بذمته مال فلا يمنع تصرف الوارث فيه. (والمرهون) رهنا جعليا وإن حجر على الراهن بعده أو آثر به بعض غرمائه في مرض موته إن أقبضه له دون وارثه فيقدم حقه على مؤن التجهيز (والمبيع) بثمن في الذمة (إذا مات المشتري مفلسا (٣) بثمنه ولم يكن هناك مانع من الفسخ فيمكَّن البائع منه ويفوز به حجر عليه قبل موته أم لا، ولكون الفسخ إنما يرفع العقد من حينه لم يخرج به عن كونه تركة. فإن وجد مانع كتعلق حق لازم به وكتأخير فسخه بلا عذر قدم التجهيز؛ لانتفاء التعلق بالعين حينئذ، وإنما (قدم) ذلك الحق في تلك الصور (على مؤنة تجهيزه)؛ إيثارا للأهم كما تُقدَّم تلك الحقوق على حقه في الحياة (والله أعلم). وخرج بقولي ((بغير حجر)) تعلق الغرماء بماله بالحجر فيقدم التجهيز إن تعلق بعين ماله قبل موته؛ لأنه لم يخرج عن كونه مرسلا في الذمة. ولو اجتمعت الزكاة والجناية في عبد تجارة قُدِّمت الزكاة؛ لانحصار تعلق كل في العين وتزيد الزكاة بأن فيها حقين فكانت أولى، والمستثنيات لا تنحصر فيما ذكر (٤).


(١). ومنه الخط في الكتابة الصحيحة كما يأتي في بابها ١٠/ ٤٠٠، والحقوق المتعلقة بعين التركة لا تنحصر فيما ذكر كما سيأتي.
(٢). أما ما قبله فإما على ظاهره أنه مثال للحق كما مر ففيه توزيع، وإما مراد به المال الزكوي.
(٣). مر في الفلس في فصل من باع ولم يقبض الثمن فروع تتعلق بما هنا ٥/ ١٤٣.
(٤). يُنظر ما نقل ابن الجمال عن الإمداد في حاشية عبد الحميد.

<<  <  ج: ص:  >  >>