بدأنا قسم العبادات الرئيسية بالعلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير والنصيحة، وجعلنا الجزء الثامن وهو الجزء الأخير منه في الجهاد، لأن بهذا وهذا تقوم العبادة ويبقى الإسلام ويُحفظ أهله. وجعلنا في وسط هذا القسم أركان الإسلام والأذكار والدعوات والتلاوة، لأنها عبادات وعليها يرتكز الإسلام كله، ووضعنا مع كل ركن من أركان الإسلام ما هو ألصق به لمناسبته لذلك.
والجهاد: هو بذل الجهد والوسع لنصرة دين الله لتكون كلمة الله هي العليا، ويأتي بمعنى عام وبمعنى خاص، فهو بمعناه العام يدخل فيه: العلم، والتعليم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الخير والنصيحة على مستوى الفرد والشعب والحكم، ويدخل فيه: الجهاد بالمال، ويدخل فيه: القتال.
والجهاد بمعناه الخاص: يطلق على القتال في سبيل الله تعالى، وهو المراد في هذا الجزء.
والقتال في الإسلام فريضة من الفرائض، قال تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ}(١). وجاءت نصوص الكتاب والسنة لتفصل هذه الفريضة وكل ما يتعلق بها أو يترتب عليها، وكانت سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سيرة الخلفاء الراشدين هي التطبيق العملي لفريضة القتال على ضوء الظروف التي واجهها المسلمون وقتذاك، ومن خلال النصوص والتطبيقات العملية لمرحلتي النبوة والخلافة الراشدة يعترف المسلمون كيف يقيمون فريضة القتال في سبيل الله.
وقد تحدثنا في تفسيرنا بمناسبة الكلام عن نصوص القتال ما فيه الكفاية، وهاهنا نتحدث بمناسبة نصوص السنة بما فيه الكفاية إن شاء الله تعالى. ولكن كيف تقام فريضة الجهاد في عصرنا ذي التعقيدات الكثيرة والمستجدات الكبيرة؟ فذلك يحتاج إلى نظر فقهي دقيق ومعرفة كبيرة بالمصالح والمفاسد، وإلى موازنات كثيرة، كما يحتاج إلى اجتهاد من أهله.