وعدماً. قال النووي في كتابه التبيان ما نصه: قال العلماء: ويستحب نقط المصحف وشكله، فإنه صيانة من اللحن فيه. وأما كراهة الشعبي والنخعي النقط، فإنما كرهاه في ذلك الزمان خوفاً من التغيير فيه. وقد أُمن ذلك اليوم فلا يمنع من ذلك لكنه محدثاً، فإنه من المحدثات الحسنة، فلا يمنع منه كنظائره مثل تصنيف العلم وبناء المدارس والرباطات وغير ذلك. والله أعلم ا. هـ.
تجزئة القرآن:
كانت المصاحف العثمانية مجردة من التجزئة التي نذكرها، كما كانت مجردة من النقط والشكل. ولما امتدَّ الزمان بالناس جعلوا يَفْتَنُّونَ في المصاحف وتجزئتها عدة تجزئات مختلفة الاعتبارات. فمنهم من قسم القرآن ثلاثين سماً، وأطلقوا على كل قسم منها اسم الجزء بحيث لا يخطر بالبال عند الإطلاق غيره، حتى إذا قال قائل: قرأت جزءاً من القرآن تبادر إلى الذهن أنه قرأ جزءاً من الثلاثين جزءاً التي قسموا المصحف إليها. وجرى على ذلك أصحاب الربعات، إذ طبعوا كل جزء في نسخة مستقلة، ومجموع النسخ الجامعة للقرآن كله يسمونه (رَبْعة). ويوجد من هذا القبيل أجزاء مستقلة بالطبع بأيدي صغار التلاميذ في المدارس وغيرهم.
ومن الناس من قسموا الجزء إلى حزبين، ومن قسموا الحزب إلى أربعة أجزاء سموا كل واحد منها رُبْعاً.
ومن الناس من وضعوا كلمة خمس، عند نهاية كل خمس آيا تمن السورة، وكلمة عشر عند نهاية كل عشر آيات منها، فإذا انقضت خمس أخرى بعد العشر أعادوا كلمة خمس، فإذا صارت هذه الخمس عشراً أعادوا كلمة عشر وهكذا دواليك إلى آخر السورة. وبعضهم يكتب في موضع الأخماس رأس الخاء بدلاً من كلمة خمس، ويكتب في موضع الأعشار رأس العين بدلاً من كلمة عشر. وبعض الناس يرمز إلى رؤوس الآي برقْمِ عددها من السورة أو من غير رقم. وبعضهم يكتب فواتح للسور كعنوان يُنوِّه فيه باسم السورة وما فيها من الآيات المكية والمدنية إلى غير ذلك.