"فخطب النبي عليه الصلاة والسلام، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد: فإني أستعمل رجالاً منكم على أمور مما ولاني الله"؛ أي: جعلني فيه حاكماً.
"فيأتي أحدهم فيقول: هذا لكم، وهذه هدية أُهديت لي، فهلا جلس"؛ أي: لِم لَم يجلس "في بيت أبيه أو بيت أمه فينظرَ": - بالنصب - جواباً لقوله:(فهلا جلس).
"أيهدى له أم لا"؛ يعني: لا يجوز للعامل أن يقبل هدية؛ لأنه لا يعطيه أحد شيئا إلا لطمع أن يترك بعض زكاته، وهذا غير جائز.
"والذي نفسي بيده! لا يأخذ أحدٌ منه"؛ أي: لا يسرق أحد من مال الزكاة "شيئاً، إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته، إن كان"؛ أي: المأخوذ "بعيراً له رُغاء" بضم الراء: صوت البعير.
"أو بقرة لها خُوار" بضم الخاء: صوت البقرة.
"أو شاة تيعر"؛ أي: تصيح؛ ليعلم أهل العرصات؛ ليكون أشهر في فضيحته.
"ثم رفع - صلى الله عليه وسلم - يديه حتى رأينا عُفرة إبطيه": بياض ليس بخالص أراد به: منبت الشعر من الإبطين؛ لمخالطة بياض الجلد سواد الشعر.
"فقال: اللهم هل بلغت؟ "؛ أي: ما أمرتني بتبليغه أو حكم السرقة.
"اللهم هل بلغت؟ ثلاثاً" كرر ذلك حجة عليهم، وتعظيماً لأمر السرقة، وحفظاً لهم في خواطرهم.