"ثم اضطجع، فنام حتى نفخ"؛ أي: تنفس بصوتٍ حتى يسمع منه صوت النفخ، كما يسمع من النائم.
"وكان إذا نام نفخ، فآذنه بلال"؛ أي: أعلمه بالصلاة، فصلى ولم يتوضأ، وهذا من خصائصه؛ لأنه نامت عيناه، ولم ينمْ قلبه، ولا يبطل وضوءه بمثل هذا.
"وكان في دعائه: اللهم اجعل في قلبي نورًا، وفي بصري نورًا، وفي سمعي نورًا": اعلم أنَّ القلب ممرٌّ للفكر في آلاء الله، والبصر محل النظر في آيات الله تعالى، والسمع محل السماع الحق، والشيطان يأتي الناس في هذه الأعضاء، فيوسوسهم بوسوسة شبيهة بظُلمةٍ، فدعا - عليه الصلاة والسلام - أن يدفعها الله بإثبات النور فيها، أراد بالنور ضياء الحق؛ يعني: استعمِلْ هذه الأعضاء مني في الحق، واجعلْ تصرفي وتقلبي فيها على سبيل الصواب.
"وعن يميني نورًا، وعن يساري نورًا": وإنما أورد في هذين الجانبين؛ لأن الأنوار تتجاوز عن قلبه وبصره وسمعه إلى من عن يمينه وشماله من الخلق.
"وفوقي نورًا، وتحتي نورًا، وأمامي نورًا، وخلفي نورًا": وفي عدم إيراد حرف الجر في هذه الجوانب إشارة إلى تمام الإنارة وإحاطته؛ إذ الإنسان تحيط به ظلمات البشرية والشهوات النفسانية لم يتخلص منها إلا بالأنوار الإلهية.
"واجعل لي نورًا": هذا إجمال بعد التفصيل، أراد به نورًا عظيمًا جامعًا للأنوار كلها.
"وزاد بعضهم: وفي لساني نورًا، وذكر"؛ أي: الرواي: "وعصبي ولحمي، ودسي، وشعري، وبشري، وفي رواية: واجعل في نفسي نورًا، وأعظم لي نورًا، وفي رواية: اللهم أعطني نورًا.
وفى رواية ابن عباس: أنَّه رقد عند النبي - عليه الصلاة والسلام -