للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٩٠٥ - قالَ جابرٌ - رضي الله عنه -: لقِيَني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: "يا جابرُ! مالي أَراكَ مُنْكَسِرًا؟ " قلتُ: استُشْهِدَ أبي وتركَ عِيَالًا وَدَيْنًا، قال: "أفلَا أُبشِّرُكَ بما لقيَ الله بهِ أباكَ؟ " قال: قلتُ: بلى يا رسولَ الله! قال: "ما كَلَّمَ الله أَحَدًا قَطُّ إِلا مِن وَراءِ حِجَابٍ، وأَحْيَا أباكَ فكلَّمَه كفَاحًا، فقالَ: يا عبدي! تَمَنَّ عليَّ أُعْطِكَ، قالَ: يا رَبِّ! تُحْييني، فأُقتَلَ فيكَ ثانيةً، قالَ الرَّبُّ تعالى: إِنَّه قد سَبَقَ منِّي: أَنَّهم لا يُرْجَعونَ"، فنزلَتْ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} الآية.

"قال جابر - رضي الله عنه -: لقِيني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا جابر! ما لي أراك مُنْكسرًا؟ قلتُ: استُشْهِد أبي وترك عيالًا ودَينًا، قال: أفلا أبشرك بما لقي الله تعالى به أباك": وهذا من الأسلوب الحكيم؛ أي: لا تهتم بشأن أمر دنياه، فإن الله تعالى يقضي عنه دَينه ببركة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولكن أبشرك بما هو فيه من القرب عند الله تعالى، وما لقيه به من الكرامة.

"قلت: بلى يا رسول الله، قال: ما كَلَّم الله تعالى أحدًا قط إلا من وراء حجاب، وأحيا أباك فكلَّمه كفاحًا" - بكسر الكاف -؛ أي: مواجهة بلا واسطة غير، ولا حجاب، وإحياءُ أبيه هو بجعل روحه في جوف طير أخضر، وإحياؤه تعالى ذلك الطيرَ بروح أبيه الشهيد، وإلا فالشهداء أحياء عند ربهم يُرزقون، أو لم يكن لروحه قوة مشاهدة الحق كِفاحًا، فوهبه الله تعالى تلك القوة وزيادة حياة إلى حياته.

"قال: يا عبدي! تمنَّ عليٍّ أعطك، قال: يا ربِّ! تحييني فأقتل فيك ثانية، قال الربُّ تعالى: إنه قد سبق مني أنهم لا يرجعون، فنزلت: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: ١٦٩] الآية".

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>