"فتناولتُه فاشتدَّ عليه"؛ أي: السواك على النبي - صلى الله عليه وسلم - لكونه يابسًا.
"فقلت: ألينه لك؟ فأشار برأسه: أن نعم، فلينته بريقي، فأمرَّهُ على أسنانه" - ماضٍ من الإمرار - "وبين يديه رَكوة فيها ماء، فجعل يُدخل يديه في الماء، فيمسح بهما وجهَه ويقول: لا إله إلا الله إنَّ للموت سَكَرات" - بالتحريك - جمع سكرة، وهي الشدة والمشقة.
"ثمَّ نَصَب يده فجعل يقول: في الرفيق الأعلى"، متعلق بمحذوف؛ أي: اجعلني في الرفيق الأعلى قال الأزهري: الرفيقُ هنا جماعة الأنبياء الساكنين أعلى علِّيين، وهو اسمٌ جاء على فعيلٍ، ومعناه الجماعة، يقع على الواحد والجمع؛ أي: اجعلني في أرواحهم الساكنات في حَظبرة القُدْس، أو: اجعلني في مكان الرفيق الأعلى، وأراد بالرفيق الأعلى: نفسَه، وبالمكان: المقام المحمود المخصوص به؛ أي: اجعلني ساكنًا فيه، "حتى قُبض ومالت يدُه".
* * *
٤٦٦٤ - عَنْ عائِشَةَ رَضيَ الله عنها قالَتْ، سَمِعْتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:"ما مِن نبيِّ يمَرضُ إِلَّا خُيرَ بينَ الدُّنيا والآخرةِ"، وكانَ في شكواهُ التي قُبضَ بها أخذَتْهُ بُحَّةٌ شَدِيْدة، فسمعتُهُ يقولُ:"معَ الذينَ أَنْعمْتَ عليهم مِن النَّبيينَ والصِّدِّيقينَ والشُّهداءِ والصّالحينَ"، فعَلِمْتُ أَنَّه خُيرَ.
"عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ما من نبيِّ يمرض إلا خُيرَ بين الدنيا والآخرة، وكان في شَكْواه"؛ أي: مرضه "الذي قبض فيه"؛ أي: مات "أخذته بحةٌ شديدة"، البحة - بضم الباء وتشديد الحاء -: غِلظة الصوت وخشونته، والمراد هنا: السُّعال.
"فسمعته يقول: مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء