٤٦٦٢ - عَنْ عُقْبةَ بن عامرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: صلَّى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على قَتلى أُحُدٍ بَعْد ثَمانِ سِنينَ كالمُودع للأحياءَ والأَمْواتِ، ثُمَّ طَلَعَ المِنْبرَ فقال:"إِنِّي بينَ أَيْديكُم فَرَطٌ، وأَنا عَلَيْكُم شَهيْدٌ، وإِنَّ مَوْعِدكُم الحَوضُ، وإنِّي لأَنظرُ إليهِ من مَقامِي هَذا، وإنِّي قَدْ أُعطِيتُ مفاتيحَ خَزائنِ الأَرضِ، وإنِّي لَسْتُ أخْشَى عليكُم أنْ تُشرِكُوا بَعْدِي، ولكنْ أَخْشَى عليْكُم الدنيا أنْ تَنافسُوا فيها". وزادَ بعضُهم:"فتَقْتَتِلُوا فتَهْلَكُوا كَما هَلَكَ مَن كانَ قبلَكم".
"عن عقبةَ بن عامر - رضي الله عنه - قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قتلى أحد"؛ أي: استغفر لهم بأمر الله تعالى "بعد ثمان سنين"؛ يعني عند قرب انقضاء عُمُره - صلى الله عليه وسلم - "كالمودعِّ": اسم فاعل من التوديع "للأحياء والأموات"، وكان هذا وداعاً منه - صلى الله عليه وسلم - لهم، وإعلاماً بزيادة درجتهم بعد شهادتهم ببركة دعائه - صلى الله عليه وسلم -، وهذا يدل على أن الدعاء للميت ينفعه.
"ثمَّ طلع المنبر"؛ أي: عَلَاهُ، "فقال: إني بين أيديكم فَرَط"، وهو بالتحريك: من يتقدم الواردة فيهيئ ما يحتاج إليه الرُّفقة من الدِّلاء وإصلاح الحِياض؛ يعني: أنا سابقكم ومتقدِّمكم لأشفع لكم عند الله، "وأنا عليكم شهيدٌ"؛ أي: رقيبٌ وحفيظ.
"وإن موعدكم الحوض، وإني لأنظر إليه"؛ أي: إلى الحوض الموعود في المحشر "وأنا في مقامي هذا، وإني قد أُعطيت" - علي بناء المجهول - "مفاتيح خزائنِ الأرض"، وهذا إشارةٌ إلى ما فتح الله لأمته من الممالك واستباحوا خزائنَ ملوكها.
"وإني لست أخشى عليكم أن تُشركوا بعدي، ولكن أخشى عليكم الدُّنيا أن تَنافَسوا فيها"؛ أي: ترغبوا في الدنيا وتَميلوا إليها وزهراتهِا كلَّ الميل.