"فوضع جِرانه": وهو بكسر الجيم باطن العنق، وقيل: مقدم العنق من المذبح إلى المنحر.
"فوقف عليه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: أين صاحب هذا البعير؟ فجاءه فقال: بعنيه، فقال: بل نهبه لك يا رسول الله، وإنه لأهل بيت ما لهم معيشةٌ غيره، قال: أما إذا ذكرت هذا من أمره، فإنه شكا كثرةَ العملَ وقلة العلفَ، فأحسنوا إليه، ثم سرنا حتى نزلنا منزلاً، فنام النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجاءت شجرةٌ تشقُّ الأرضَ حتى غشيته"، أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأظلته.
"ثم رجعت إلى مكانها، فلما استيقظ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ذكرت له فقال: هي شجرةٌ استأذنت ربها في أن تسلم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأذن لها، قال: ثم سِرْنا فمررنا بماءٍ"؛ أي: بقبيلةٍ.
"فأتته امرأةٌ بابن لها به جِنةٌ": بكسر الجيم؛ أي: بالابن جنونٌ.
"فأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنخره، ثم قال" للجنون:
"اخرجْ؛ فإني محمد رسول الله، ثم سرنا فلما رجعنا مررنا بذلك الماء، فسألها عن الصبي فقالت: والذي بعثك بالحق نبياً ما رأينا منه"؛ أي: من الصبي "رَيْباً"؛ أي: مكروهاً، وقيل: أي: شكاً؛ يعني: ما رأينا منه ما أوقعنا في الشك من حاله.
"بعدك"؛ أي: بعد مفارقتك عنا.
* * *
٤٦٣٩ - وَقَالَ ابن عبَّاس - رضي الله عنهما -: إنَّ اَمْرأةً جَاءَتْ بابن لَهَا إلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله! إنَّ ابني بهِ جُنونٌ، وإِنَّهُ يأخُذُهُ عِنْدَ غَدائِنا وعَشائِنا، فمَسَحَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صَدْرَهُ ودَعا، فثَغَّ ثَعَّةً، وخرجَ منْ جَوْفِهِ مثلُ الجَرْوِ الأَسْودِ يَسعَى.