"قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنك رسول الله، يا رسول الله! إن اليهود قومٌ بُهْتٌ" بضم الباء ثم السكون: جمع بَهُوت، من بناء المبالغة؛ أي: كثيرُ البهتان؛ يعني: أنهم قوم لا يبالون بالكذبِ والافتراءِ على الناس.
"وإنهم إن يعلموا بإسلامي من قبل أن تسألهم عني"؛ أي: قبل سؤالك منهم عن حالي.
"يبهتوني"؛ أي: يقولون عليَّ ما لم أفعله.
"فجاءت اليهود، فقال: أيُّ رجل عبد الله فيكم؟ قالوا: خيرنا وابن خيرنا، وسيدنا وابن سيدنا، قال: أرأيتم"؛ أي: أخبروني "إن أسلم عبد الله بن سَلامٍ؟ قالوا: أعاذه الله من ذلك، فخرج عبد الله فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، فقالوا: شرنا وابن شرنا، فانتقصوه"؛ أي: عابوه وحقروه.
"قال"؛ أي: عبد الله بن سلام: "هذا الذي كنت أخاف يا رسول الله".
* * *
٤٥٨٥ - وقَالَ أَنسٌ - رضي الله عنه -: إِنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - شَاوَرَنا حِيْنَ بلَغَنا إِقْبالُ أبي سُفْيانَ، فَقَامَ سَعدُ بن عُبادَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله! والّذِي نَفْسِي بيدِهِ، لوْ أمَرْتَنَا أنْ نُخِيضَها البحرَ لأخَضْنَاها، ولوْ أمَرْتَنا أنْ نَضْرِبَ أكبَادَها إلى بَرْكِ الغِمادِ لفعَلْنا، قال: فندَبَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - النَّاسَ، فانطَلَقُوا حتَّى نزَلُوا بَدْراً، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذا مَصْرَعُ فُلانٍ"، ويَضعُ يَدهُ على الأَرْضِ هَاهُنَا وهَاهُنَا، قَالَ: فَمَا مَاطَ أحدُهُمْ عن مَوْضعِ يَدِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -.
"وقال أنس - رضي الله عنه -: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - شاورَ حين بلغنا إقبالُ أبي سفيان"؛ أي: حين سمعنا أن أبا سفيان أقبل من مكة مع الجيش للمحاربة.