يعني: لو أن لي بدفعكم قوة البدن، أو انضم إليَّ عشيرة منيعة لدفعناكم ما صدر عنه عليه السلام هذا القول إلا حين صعب عليه الأمر، وضاق الصدر، فدعا له النبي صلى تعالى عليه وسلم بالمغفرة؛ لأنه استغرب هذا القول وَعَدَّه نادرةً، إذ لا رُكْنَ أشدُّ من ضمان الله وكلامه له، فلما رأى المَلَكُ ما به من الاحتراق قالوا له: يا لوط إن ركنك لشديد إنا رسل ربك.
" ولو لبثْتُ في السِّجن طول ما لبث يوسف لأجبْتُ الدَّاعي "؛ أي: داعي المَلِكِ، ولم أقلْ لرسول المَلِكِ:{ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ}[يوسف: ٥٠]، مدحه عليه السلام على شدَّة صبره، وترك استعجاله للخروج من السجن مع امتداده.
قيل: إن يوسف - عليه الصلاة والسلام - أشْفَقَ أَنْ يراه الملِكُ بعين مَشْكُوْكٍ في أمره مُتَّهَمٍ بفاحشة، فأحبَّ أن يراه بعد أن يزول عن قلبه ما كان فيه مُتَّهم.
* * *
٤٤٣٣ - وقالَ:" إنَّ مُوْسى صلواتُ الله عليه كانَ رَجُلًا حَييًّا سِتِّيرًا لا يُرَى منْ جِلْدِهِ شَيءٌ استِحْياءً، فآذاهُ مَنْ آذاهُ منْ بني إِسْرائيِلَ فقالوا: ما يَتَسَتَّرُ هذا التَّستُّرَ إلا مِنْ عَيْبٍ بجِلدِهِ: أمَّا بَرَصٍ أو أُدْرَةٍ، وإنَّ الله أرادَ أنْ يُبَرِّئهُ، فَخَلا يَوْمًا وَحْدَهُ لِيَغْتَسِلَ، فَوَضَعَ ثَوْبَهُ على حَجَرٍ، فَفَرَّ الحَجَرُ بثَوْبهِ، فجَمَحَ مُوْسى في إثْرِهِ يقولُ: ثَوْبي يا حَجَرُ، ثَوْبي يا حجرُ، حتَّى انتهَى إلى مَلإٍ منْ بني إِسْرائيلَ فرأَوْهُ عُرْيانا أَحْسَنَ ما خَلَقَ الله، وقالوا: والله ما بِمُوسى منْ بَأْسٍ، وأَخَذَ ثوبَهُ وطَفَقِ بالحَجَرِ ضَرْبًا، فوالله إنَّ بالحَجَرِ لَنَدَبًا منْ أثرِ ضربهِ " ثلاثًا أو أَرْبَعًا أو خَمْسًا.