عن المِرَاء فيها والتكذيب بها؛ إذ كلُّها يجب الإيمان به.
* * *
١٧٩ - وقال عَمْرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جدِّه: سمعَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قومًا يَتَدَارَؤُنَ في القُرآن، فقال:"إنَّما هلكَ مَنْ كَانَ قبلَكُمْ بهذا، ضَربُوا كتابَ الله بعضَهُ ببعضٍ، وإنَّما نزَلَ كتابُ الله يُصدِّقُ بعضُهُ بعضًا، فلا تُكَذِّبُوا بعضَهُ ببعضٍ، فما عَلِمْتُمْ منه فقولُوه، وما جهلتُم فكِلُوهُ إلى عالمِهِ".
"وقال عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: سمع النبي - عليه الصلاة والسلام - قومًا يَتَدارَؤُون"؛ أي: يختلفون "في القرآن"، ويدفع بعضُهم دليلَ بعضٍ منه، كما يَستدل أهلُ السُّنة على كون الخير والشر من الله بقوله تعالى:{قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}[النساء: ٧٨]، وأنكره القَدَري مستدلًا بقوله:{مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ}[النساء: ٧٩].
"فقال: إنما هلك مَن كان قبلكم بهذا" التدارُؤ.
"ضَرَبُوا"؛ أي: خَلَطُوا.
"كتابَ الله بعضَه ببعضٍ"، فلم يميزوا بين المُحكَم والمُتشابه، والناسخ والمنسوخ، والمُطلَق والمُقيَّد ونحوها، بل حَكَمُوا في كلِّها حكمًا واحدًا.
وقيل: معناه: صرفوا كتاب الله بعضه ببعض عن المعنى المراد إلى ما مالَ إليه أوهامهم، كما فعلت اليهود بالتوراة، والنصارى بالإنجيل.
"وإنما نزل كتاب الله مصدقًا (١) بعضُه بعضًا"؛ يعني: الإنجيلُ بيَّن أن التوراةَ كلامُ الله، وهو حق، والقرآنُ بيَّن أن جميع الكتب المنزلة من الله تعالى كلامُ الله، أنزله بالحق على عباده.