"فقال الرجلان كلُّ واحد منهما: يا رسول الله! حقي هذا لصاحبي، فقال: لا، ولكن اذهبا فاقتسما وتوخَّيا الحق"؛ أي: اطلبا العدل في قَسْمِه واجعلاها نصفين.
"ثم اسْتَهِما"؛ أي: اقترعا ليَظهر أيُّ القسمين وقع في نصيب كلٍّ منكما.
وقيل: توخَّيا في معرفة مقدار الحق، وذلك يدل على أن الصلح لا يصح إلا في شيء معلوم، والتوخِّي إنما يفيد ظنًّا فضم إليه القرعة؛ لتكون أقوى.
"ثم ليُحْلِلْ كلُّ واحد منكما صاحبه": أمر بالتحليل (١) ليكون افتراقهما عن تعيُّنِ براءةٍ وطيبة نفس.
"وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في هذا الحديث: إنما أقضي بينكم برأي فيما لم ينزل علي فيه" وهذا يدل على جواز الاجتهاد له - صلى الله عليه وسلم -.
* * *
٢٨٤٠ - عن جابرِ بن عبدِ الله - رضي الله عنه -: أنَّ رَجُلينِ تَدَاعَيَا دابةً فأقامَ كلُّ واحدٍ منهما البينةَ، أنَّها دابَّتَهُ نتَجَها، فقضَى بها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لِلَّذي في يَدَيْهِ.
"عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: أن رجلين تداعيا دابةً، فأقام كل واحد منهما بينةً أنها دابته نتجها"؛ أي: ولدها.
"فقضى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للَّذي في يده" وهذا يدل على تقديم بينة صاحب اليد على بينة غيره.