فتَنَضَّح الدمُ على وجهِ خالدٍ فَسَبَّها، فقال النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "مهلًا يَا خالدُ! فوَالذي نفسي بيدِه لقد تابَتْ توبةً لو تَابَها، صاحبُ مَكْسٍ لغُفِرَ لهُ"، ثم أَمَرَ بها فصلَّى عليها ودُفِنَت.
"عن بريدة أنَّه قال: جاء ماعز بن مالك إلى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: يَا رسول الله! طهّرني، فقال: ويحك" كلمة ترحُّمٍ وتوجُّعٍ.
"ارجع واستغفر الله وتب إليه، قال: فرجع غير بعيد، ثم جاء فقال: يَا رسول الله! طهرني، فقال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - مثل ذلك، حتَّى إذا كانت الرابعة فقال له رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: ممَّ أطهرِّك؟ قال: من الزنا"؛ أي: طهرني من ذنب الزنا بإقامة الحد عليَّ.
"قال"؛ أي: الراوي: "فسأل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: أبهِ جنون؟ فأُخبر أنَّه ليس بمجنون، فقال: أشربَ خمرًا؟ فقام رجل فاستنكهه"؛ أي: طلب نكهته وهي الرائحة "فلم يجد منه ريح خمر، فقال: أزَنيَت؟ قال: نعم، فأمر به فرجم، فلبثوا يومين أو ثلاثة، ثم جاء رسولَ الله فقال: استغفروا لماعز بن مالك" والفائدة منه طلبُ مزيد الغفران له من الترقِّي.
"لقد تاب توبة لو قُسِمَت بين أمة محمَّد لوسعتهم"؛ يعني: تاب توبةً تستوجب مغفرةً ورحمة تستوعبان جماعة كثيرة من الخلق.
"ثم جاءته امرأة من غامد": حي من اليمن.
"من الأَزدِ": أبو حي، وهو أزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن كهلان بن سبأ.
"فقالت: يَا رسول الله! طهِّرني، فقال: ويحكِ ارجعي واستغفري الله وتوبي إليه، فقالت: تريد" - خطاب إلى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - "إن تردِّدني كما ردَّدْتَ ماعز ابن مالك، إنها حبلى من الزنا" أرادت نفسَها، ولم تقل: إنِّي، حياءً.