كانت مَكْرُمَةً في الدُّنيا وتَقوى عندَ الله، لكانَ أَوْلاكُم بها نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم -، ما علمتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نكحَ شيئًا من نسائِهِ ولا أَنْكَحَ شيئًا من بناتِه على أكثرَ من اثنتي عَشْرَةَ أُوقِيَّةً.
"من الحسان":
" عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ألا لا تغالوا في صدقة النساء"؛ أي: لا تكثروا مهرهن، "فإنها"؛ أي: المغالاة المدلول عليها بـ (لا تغالوا)"لو كانت مكرمة"؛ أي: شرفًا ومروة وكرمًا "في الدنيا وتقوى عند الله لكان أولاكم بها"؛ أي: المغالاة "نبي الله، ما علمت رسول الله نكح شيئًا من نسائه، ولا أنكح شيئًا من بناته على أكثر من اثنتي عشرة أوقية" لعله أراد عدد الأوقية، ولم يلتفت إلى الكسور، وأما صداق أم حبيبة فلم يكن بمشاورته ولا باختيار منه.
قلت: النص يدل على الجواز لا على الأفضلية، والكلام فيها لا فيه.
فإن قيل: المهر عوض عن الاستمتاع، فَلِمَ سماه نِحْلة في قوله تعالى:{وَءَاتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً}، وهي العطية بلا عوض؟
قلنا: أراد به تدينًا وفرضًا في الدين، كما يقال: فلان انتحل مذهب كذا؛ أي: تدين به، وقيل: سماه بها لأنه بمنزلة شيء يحصل لها بلا عوض لاشتراكهما في الاستمتاع واللذة، بل وقد تكون شهوتها أغلبَ، وقيل: كان المهر قبل شرعنا للأولياء دون النساء كما اشترط شعيب المهرَ لنفسه دون ابنته في قوله تعالى: {عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ}، فلما جعل المهر في شرعنا لهنَّ كان نحلة منه عليه الصلاة والسلام لهنَّ.