"قال"؛ أي: النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "فيحفُّونهم بأجنحتهم" الباء: للتعدية؛ أي: يدورون بأجنحتهم حولَ جماعة الذاكرين، بأن يقفَ بعضُهم فوقَ بعضِ "إلى السماء الدنيا، فإذا تفرَّقوا"؛ أي: الذاكرون "عَرَجُوا"؛ أي: الملائكةُ "إلى السماء. قال: فيسألهم الله تعالى، وهو أعلمُ بهم: مِن أين جئتُم؟ فيقولون: جئنا من عند عبادك في الأرض، قال: فيسألهم ربُّهم، وهو أعلم بهم: ما يقول عبادي؟ قالوا: يسبِّحونك ويكبِّرونك ويحمدونك ويهلِّلونك ويمجِّدونك"؛ أي: ينسبونك إلى المجد، وهو الكَرَم.
وقيل: التمجيد: ذِكر: لا حول ولا قوة إلا بالله العليِّ العظيم، وقيل: أصله لغةً: ذِكرُ الله بالعَظَمَة.
"قال: فيقول"؛ أي: الله تعالى: "هل رَأَوني؟ قال: فيقولون: لا، والله ما رَأَوك، فيقول: كيف لو رَأَوني؟؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: يقولون: لو رَأَوك كانوا أشدَّ لك عبادةً وأشدَّ لك تمجيدًا وأكثرَ لك تسبيحًا، قال: فيقول فما يسألون؟ قالوا: يسألونك الجنةَ، قال: وهل رَأَوها؟ قال: فيقولون: لا، والله يا ربِّ ما رَأَوها، قال: يقول: فكيف لو رَأَوها؟ قال: يقولون: لو أنهم رَأَوها كانوا أشدَّ عليها حرصًا وأشدَّ لها طلبًا وأعظمَ فيها رغبةً، قال: فممَّ يتعوَّذون؟ قال: يقولون: من النار، قال: وهل رَأَوها؟ قال يقولون: لا، والله يا ربِّ ما رَأَوها، قال - صلى الله عليه وسلم -: يقول الله: فكيف لو رَأَوها؟ قال: يقولون: لو رَأَوها كانوا أشدَّ منها فرارًا وأشدَّ لها مخافةً، قالوا: ويستغفرونك، قال: فيقول: فأُشهدكم أني قد غَفرتُ لهم، وأَعطيتُهم ما سألوا، وأَجَرْتُهم مما استجاروا"؛ أي: أمَّنتهم مما يخافون، والاستجارة: طلب الأمان.
"قال: يقول مَلَكٌ من الملائكة: ربِّ"؛ أي: يا ربِّ!