للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتاريخُ الوفاة المذكور ورَدَ أَيضًا في "دُرّة الحِجال" (١) و"الدِّيباج المذهب" (٢)، وقيَّدَ هذا التاريخَ بحساب الجُمّل أبو عبد الله محمد بن عليّ الفشتاليُّ في منظومتِه التاريخية فقال:

* وقُلْ في ابن عبدِ مالكٍ: "ذابَ" خَشْيةً *

ولقد حصل اضطرابٌ لدى بعض المتأخِّرين في تاريخ وفاة ابن عبد الملك وكيفيّتها، فقد جاء في وَفَيات أحمدَ الوَنْشَريسيِّ: "وفي سنة أربع وسبع مئة توفِّي قتيلًا الشّيخُ الشهير أبو عبد الله محمد بن عبد الملك الأنصاريُّ مؤلّف "الذّيل والتكملة" " (٣). والاضطراب في هذا الكلام واضحٌ من جهة التاريخ "أمّا الاضطرابُ من جهة الكيفيّة فلعلّ سببَه الخَلْطُ بين ابن عبد الملك الوالد وابن عبد الملك الولد، فهذا الأخير هو الذي مات قتيلًا أو شهيدًا كما سَلَف، وأمّا ابنُ عبد الملك الأبُ فيبدو أنه مات موتًا عاديًّا بعدَ أن بلَغَ سبعينَ سنةً تقريبًا، ويبدو أن سببَ وجوده في محَلة السلطان يوسُف المَرِينيّ هو ما جَرَت به عادة ملوكنا من استصحابهم كبارَ العلماء في حركاتهم، واستدعائهم إلى محلاتهم لمُذاكرتهم وشهود مجالسِهم، ونظرًا لأنّ محلّةَ السلطان يوسُف بقِيت مضروبة على تِلِمسان مئةَ شهر كما ذكرنا، فقد كان ابنُ عبد الملك -على ما يبدو- يستأذنُ من حين لآخر في مغادرتها، بقَصد زيارة أهله، ومباشرة أشغاله، وهذا ما يفسِّر تردُّده بين تِلِمسانَ وداره في أغمات، وثمةَ عبارةٌ في "المرقبة العليا" تشير إلى أنه توفِّي عند قفوله -أى: رجوعه- إلى تِلِمسان، ولهذا فلسنا نذهبُ معَ من ذهب إلى أنه ربما كان منفيًّا في أغمات أو مات مغرَّبًا في تِلِمسان (٤)، وما سُقناه من نصوص وذكرناه من تأويل هو الذي يتلاءم مع طبيعة الأحداث وسياق التاريخ.


(١) درة الحجال ٢/ ٢٤.
(٢) الديباج ٢/ ٣٢٥.
(٣) أَلْف سنة من الوفيات: ٩٨.
(٤) المرحوم العابد الفاسي في بحثه عن ابن عبد الملك المنشور في مجلة دعوة الحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>