للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا كلامٌ مجمَل وحديثٌ مبهَم، فمَن هو الموتورُ المشارُ إليه؟ وما هو نوع التِّرة المومَإ إليها؟ وما طبيعة المناقشة المذكورة؟ ليس ثمة من سبيل الآنَ إلى الإجابة عن هذه الأسئلة، فقد طُويت أخبارُ هذا الحادث، وغُيِّبت عنا أسرارُه.

وكلُّ ما لدينا الآنَ أنّ ابن عبد الملك قفَى السنواتِ الأخيرةَ من حياته متنقلًا من أغمات إلى تِلِمسانَ وما بينَهما، أمّا أغمات فقد عرَفْنا ممّا سبَق اجتماع ابن عبد الملك وابن رُشيد فيها خلالَ هذه الفترة على ما يبدو، وعرَفْنا ممّا ذكَرَه أحدُ تلاميذه أنه كان موجودًا بها سنة ٧٠٢ هـ.

ويبدو أنه كانت له بها دارٌ وما يتّصل بها من فِلاحة أو نحوها, ولعلّه اكتسب ذلك، إذا كان، في المدة التي قضاها بها على عهد المِلْياني.

وأمّا تِلِمْسانُ فقد كان يتردَّد عليها مَدْعوًّا إليها -على ما يظهر- وذلك للالتحاق بمحَلة السلطان يوسُف بن يعقوبَ بن عبد الحقّ خلال ذلك الحصار الطّويل الشهير الذي دام مئة شهر (١)، وإنّما قلنا: إنه كان يتردَّد على تِلِمْسان؛ لأننا وجدناه يذكر سَفْرتَه إلى تِلِمْسان ومرورَه بفاسَ وهو في طريقه إليها "في جمادى الأخرى تسع وتسعين وست مئة"، ثم نجدُه في أغمات سنة ٧٠٢ هـ، وعاد بعد ذلك إلى تِلِمسان حيث "توفِّي رحمه الله بتِلِمسانَ الجديدة في أواخِر محرَّم سنة ثلاث وسبع مئة" كما يقول ابنُ الزُّبير شيخُ ابن عبد الملك، وقال تلميذه أبو الحسن المطماطيّ: "وتوفِّي رحمه الله سنة ثلاث بعد سبع مئة بظاهر تِلِمسان حين توجَّه إلى المَحلّة الكائنة بها" (٢). ولا خلافَ بين القولَيْن؛ فإنّ تِلِمْسان الجديدةَ تقعُ بظاهر تِلِمسانَ القديمة، ويلِمسان الجديدةُ أو المنصُورة هي المدينة التي أسَّسها في سنة ٧٠٠ هـ السلطان يوسُفُ بن يعقوب بن عبد الحقّ بإزاء تِلِمسان وهو محاصِرٌ لها ذلك الحصارَ الطَّويل المشروحَ في كُتُب التاريخ.


(١) العبر والاستقصا وغيرهما.
(٢) صلة الصلة ٣/الترجمة ٣٦، ومذكرات ابن الحاج النميري: ١١٨ أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>