وإيوانُ كسرى ارتجَّ ليلةَ وضعِهِ ... وباتَ عليه قَصرُه مُتداعيا
وزاد برؤيا الموبَذانِ ارتياعُه ... فأذهَلَه أنْ يَستبينَ المَساعيا
وفسَّرَها شِقٌّ وشَقَّ غُبارَهُ ... سَطِيحٌ بسَجْع قَصَّ ما كان رائيا
فنَصّا على إرسالِ أْحمدَ مثبِتًا ... لدِين الهُدى بالرغم للكفرِ ماحيا
وأُخْمِدتِ النيرانُ نيرانُ فارسٍ ... وكانت تَلظَّى ألفَ عامٍ تواليا
وحُمِّل ذاك الحُلمُ حُجْرَ حليمةٍ ... لتُرضِعَه درَّ الفضائلِ صافيا
أبَي حَمْلَه النِّسوانُ لليُتْم وانْبَرَتْ ... له فرأَتْ من حينِها الرزقَ ناميا
فحازَتْ به السَّبْق الأتانُ كرامةً ... وأخصَبَ مرعاها ففاق المراعيا
وشارَفَها إذ لا تَبِضُّ بقطرةٍ ... فصارت به ثَجًّا تُروِّي الصَّواديا
وفي حيِّها وافاهُ جبريلُ قاصدًا ... وأقبَلَ ميكائيلُ بالأمرِ تاليا
فشَقّا به صدرَ النبيِّ لشَرْحِهِ ... فكان لِما يُلقِي له اللهُ واعيا
ورَدّاهُ في الحينِ التئامًا فما تَرى ... سوى أثرٍ ما زال للشَّرح باقيا
وجاءا بمِنديل وطَسْتٍ ليَغسِلا ... بماءِ الرِّضا قلبًا عن الله راضيا
وعاد أخوه فازعًا مُخبِرًا بما ... جَرى من مَخُوفٍ كان للأمر جاريا
فسارَتْ به من حينِهِ نحوَ أُمِّهِ ... تخافُ عليه إن أقام العَواديا
وما زال محروسًا أمينًا مؤمَّنًا ... سَبُوقًا صَدُوقًا ساميَ القدرِ عاليا
حيِيًّا وفِيًّا خاشعًا متواضعًا .... كريمًا حليمًا يستفزُّ الرّواسيا
وفي سَيْرِهِ للشام شامَ بقُربِهِ ... بُروقَ الهدى مَن لم يكنْ قطُّ رائيا
أكَبَّ عليه في طريقِ مسيرِهِ ... إليها (بَحِيرا) للهدى مُتَراميا
ولمّا رأى تلك العلاماتِ لم يزَلْ ... لِما وافَقَ الكُتْبَ القديمةَ باكيا