للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول ابن بَشْكُوال: "صحَّح من الكُتُب ما لم يصحِّحْه غيرُه من الحُفّاظ، وكُتُبه حُجّة بالغة" (١).

وكان فَرَحُ ابن عبد الملك بامتلاك أصُول المخطوطات كبيرًا، وابتهاجُه باقتنائها عظيمًا، وها هو يحدّثنا عن أصل أبي مروانَ الباجيّ من تأليف ابن الصّلاح في علوم الحديث المشهور فيقول: "وهذا الأصل الذي سَمع فيه قد صار إليّ والحمد لله، وفي خطّ ابن الصّلاح بتصحيح التسميع، وقد تضمّن إذْنَه في روايته عنه لكلِّ من حصَّل منه نُسخة، فانتسَخَ منه جماعة من جِلّة أهل العلم ونُبلائهم منهم: أبو الحَسَن الشارّي وأبو عَمْرو عثمانُ ابن الحاجّ وأبو القاسم أحمدُ بن نبيل وغيرهم، ونسخت منه نسخة لبعض الأصحاب لأمرٍ اقتضى ذلك لم يسَعْ خلافُه" (٢). ويبدو أنّ بعضَ الأصحاب المشارَ إليه هنا هو ابنُ رُشَيْد السَّبْتيّ.

وكان بعضُ أصحابِه يعرِفونَ هَواه الكبير وحِرصَه الشّديد على هذه الأصول، فكانوا يُتحِفونَه بها، ومن هؤلاء قريبُ شيخِه الماقريِّ الذي أهداه كتابَ "تقييد ما يقعُ في التحريف" لأبي الوليد ابن الدَّبّاغ، وهو كما يقول: "أصلٌ صحيح أراه كُتِب في حياة المصنِّف وأقدمُ الآثار فيه كونُه لأبي عُمر بن عَيّاد ثم لأبي الخَطّاب بن واجب ثم لابن عمه أبي الحَسَن ثم وَهَبَه لأبي عبد الله المومنانيِّ ثم أتحفَني به الصاحبُ الأودّ في الله الأفضلُ أبو عبد الله بن عيسى الماقريُّ مُستوطنُ ثغر اَسَفي حماه الله، وكافأ فضلَه وشكَرَ إفادتَه، وقد نقَلَ من هذا الأصل أبو عبد الله ابنُ الأبّار وغيرُه، وقرأوه على أبي الخَطّابِ ابن واجب" (٣).

وكان يتحسَّر ويسترجعُ حينَ يضيعُ منه كتابٌ أو تُفلتُ منه فُرصةُ الانتفاع به؛ قال في ترجمة أبي القاسم ابن فَرْقَد: "وقد ضمَّن أبو القاسم هذا ذكْرَ مشيختِه


(١) الصلة (٣٢٩).
(٢) الذيل والتكملة ٥/الترجمة ٨١٤.
(٣) المصدر نفسه ٥/الترجمة ٦٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>