للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولوِ اتَّخذوا البحرَ مِدادًا والأشجارَ مَدَدًا (١)، فَضَحَهم بباهرِ آياتِه، ومَحَا فجْرَهُم الكاذبَ سُطوعُ (٢) إياتِه (٣)، الذي جُمِعَتْ له شَتّى الفضائل وضُروبُها، ورُدَّت عليه الشَّمسُ وقد حان غروبُها، مَبْلَغُ الأملِ القَصيّ، التافلُ في عَيْنِ الوَصِيّ، من سبَّحَت في كفِّه الأحجار، وجاءت تجُرُّ فروعَها الأشجار، من أحسَنَ في ذاتِ الله المَصَاعِ، وأطعَمَ الجيشَ الكبيرَ من عَنَاقٍ وصَاع، من أرادَ أبو جَهْلٍ أن يَغتالَهُ ويخونَه، فرأى هَوْلًا ونارًا عظيمةٌ دونَه، مَنْ ناجاهُ بعَزْم القوم ثَبِير، وأنبَأَ بكذّاب في أُمّتِه ومُبِير، العاقبُ الحاشر، ذو المناقبِ التي أعيَتْ نَشْرَ الناشر، صَلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وذُرِّيتهِ وصَحْبِه صلاةً دائمةً ما نَمَّ عَرْفُ ثنائه، ولَفَّ الفجرُ الثُّريّا في مُلائه، من العبدِ المذنبِ المُخطي، المُسرع بأملِه المُبطِي، الذي غَذِيَ بحبِّك وليدًا، وأخَذَ الإيمانَ بكَ نَظَرًا وتقليدًا [الطويل]:

* غَذِيتُ بحُبِّ الهاشميِّ وليدا (٤) *

وتحالَفَ معَ الشَّوق (٥) إليك في أسحمَ داج، عَوْضُ ما نتفرَّقُ صفاءً ليس فيه تَدَاج، وقرَأَ أُمَّ الإخلاصِ في محبّتِك فعمَلُهُ غيرُ خَدَاج، الذي ثبَّطَتْه الأقدار، وعاقَه الفَلَكُ المُدار، عن الحلول بِمشَاهدِك الكريمة، والمُثولِ في مَعاهدِك التي هي لِصادي الأمل أنقَعُ دِيمة.

كتبتُه وأنا أتنفَّسُ الصُّعَداء، وأُناجي بل أَغبطُ أهلَ زيارتك السُّعَداء، وللزَّفَراتِ تَصَعُّدٌ وانحدار، وللعَبَراتِ تردُّدٌ في الَجفنِ وانهمار، طَوْرًا تسيلُ كالغمامةِ الثَّجّاجة، وتارَةً كأنّي أنظُرُ من وراءِ زُجاجة [الكامل]:

* إنّي كتَبْتُ وفي فؤاديَ لوعةٌ *


(١) في م: "مددًا والأشجار عددًا".
(٢) في م: "بسطوع".
(٣) إياةُ الشمس: ضوءها وشعاعها وحُسنها.
(٤) صدور الأبيات التي يوردها في هذه الرسالة هي أوائل قصائد له سيوردها بعدُ.
(٥) ما أبرزناه من هذه الرسالة بالبُنط العريض سيكرر إيراده مصدِّرًا به قصائد له.

<<  <  ج: ص:  >  >>