الوجوه أملاك وأموال، فإن قضية الورع أن لا يعامل هؤلاء، ويجتنب أكل مالهم، وإن كانت في ظاهر الحكم غير محرمة، ما لم يتيقن أن الذي يأخذه منها ثمن العين المحرمة.
وأما الورع المكروه فهو أن لا يقبل رخص الله تعالى التي رخص لعباده فيها، وخفف عنهم العبادة فيها كالإفطار في السفر وقصر الصلاة فيه، وترك إجابة الداعي، ورد الهدية، والتشدد والتشكك بحكم الخواطر، التي جماعها العنت والضيق والحرج.
وحمله [وجملة] أمر الورع أنه إنما يقع في غالب الإمكان، لا في نادره، فإن رجلا من خراسان لو دخل بغداد فأراد أن يتزوج امرأة من عرض النساء، لم يكن عليه حظر في مذهب أحد من العلماء، وقد يمكن ولا يستحيل أن يكون أبوه أو جده قد كان دخلها في متقدم الأيام من حيث لم يعلم هذا الرجل ولا بلغه خبره فتزوج بها امرأة ودخل بها وولدت منه ابنة، فتكون هذه