يتوضأ به والأرض التي يصلى عليها، ونحو ذلك من الأمور التي وجدت في أصل الفطرة على حكم الإباحة، حتى يطرأ عليها ما يغيرها عن حكمها الأول، فإنه لا يضيق في مذهب الورع استعماله على وجهه ولا يستحب اجتنابه، وإدخال الريب والشك على نفسه فيه، وما كان من ذلك في الأصل ممنوعا لا يستباح إلا بشرائط وأسباب قد أخذ علينا مراعاتها فيه، وفي الاستمتاع به، كالبهيمة لا يحل أكلها إلا بالذكاة، وشرائطها معلومة، والمرأة لا يحل نكاحها إلا بالعقد، وصفة ما يصح في العقد خصال معدودة، فإنه لا يجوز استعمال هذا النوع منه، ولا الاستباحة له ما لم يوجد تلك الأسباب مستوفاة بكمالها، والورع في مثل هذا فرض واجب.
فأما الورع المستحب المندوب إليه، فهو ما يقع بين هذين الأصلين، مثل اجتنابم عاملة من يجتمع في ماله الحلال والحرام، كمن عرف بالربا في تجارته، وكمن صناعته صناعة محرمة، كاتخاذ آلات اللهو، ونقش التماثيل الصورة، وكاليهود والنصارى الذين يبيعون الخمور، وإن كانت لهم من غير هذه