عليه وسلم الجيش زيدا وقال: إن أصيب فالأمير جعفر، فإن أصيب فعبد الله بن رواحة فأصيبوا كلهم، فنظر خالد وهو في ثغرم خوف، وبإزاء عدو عددهم جم وبأسهم شديد، فخاف ضياع الأمر، وهلاك من معه من المسلمين، فتصدى للإمارة عليهم، وأخذ الراية من غير تأمير، وقاتل إلى أن فتح الله على المسلمين، فرضي رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلَه، إذ وافق الحق وإن لم يكن من رسول الله تقدمُ إذن له في ذلك، ولا من القوم الذين معه بيعةٌ وتأميرٌ فصار هذا أصلا في الضرورات إذا وقعت في معاظم أمر الدين في أنها لا تُراعى فيها شرائطُ أحكامها عند عدم الضرورة، فكل أمر حدث مما سبيله أن يتولاه الأئمة، وولاة الأمور، فلم يشهدوه وخيف عليه الضياع والانتشار، فإن تداركه واجب والقيام به لازم على من شهده من جماعة المسلمين حسب ما يوجد إليه السبيل، وإن لم يكن تقدم لهم في ذلك إذن، وكذلك هذا في خواص الأمور الواجبة في حق الدين وفي حقوق الآحاد من أعيان الناس، وإن لم يتقدم من ولي الأمر في ذلك إذن أو توكيل، مثل أن يموت رجل بفلاة من الأرض، وقد خلف مالا وتركه، فإن على من شهده حفظَ ماله وإيصالَه إلى أهله وإن لم يوص المتوفى بذلك إليه، ولا يحل له أن يتركه بمضيعة، كما لا يحل له أن يُغفِل