للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التبخر، والتكثف، والتجمد، والانصهار (١)، ولكن لا يمنع ذلك من صحة ما توصل إليه به في ذلك الزمن، يقول في معرض نقضه لهذه النظرية: "لأن الموجود إن قيل: إنه لا يقبل القسمة بالفعل لم تكن فيه أجزاء لا تتناهى، وإن قيل: إنه يقبلها بالفعل، فإذا صغرت أجزاؤه فإنها تستحيل وتفسد وتفنى، كما تستحيل أجزاء الماء الصغار هواء، وإذا استحالت عند تناهى صغرها، لم يلزم أن تكون باقية قابلة لانقسامات لا تتناهى، ولا يلزم وجود أجزاء لا تتناهى". (٢)

وأما كلامهم في أن الجواهر الفردة لا تخلو من الأعراض فغير مسلم؛ لان الجوهر الفرد لا يرى بالعين المجردة، فثبت أنها دعوى لا برهان عليها.

والصحيح أن الأجسام لا تخلو من الأعراض وهى الحركة والسكون والاجتماع والافتراق ولكن اختلاف المتكلمين في قابلية جميع الاجسام للحركة والسكون جعل الاستدلال بهما محل نظر، مع أن الاستدلال بهما بدهى؛ لانه لا يخلو أي جسم من سكون أو حركة؛ لعدم إمكان اجتماعهما أو ارتفاعهما في آنٍ واحد، فصار الاستدلال المجمع عليه ما كان مثبتًا بحصول الاجتماع والافتراق، لكن الاستدلال بهما لا يمكن إلا بإثبات أن الجسم مركب من أجزاء تنتهى بالجوهر الفرد، فعاد نقض الدليل إلى إبطال هذه النظرية، وقد تقدم. (٣)

- وأما الحكم على الأعراض بالحدوث، فإنهم يستدلون لذلك بالمشاهد منها، فقد ثبت تعاقب الأعراض على الجواهر ومما يدل على حدوثها، وينفى عنها القدم (٤) ثم يقيسون ما غاب منها على المشاهد، حتى يصلوا إلى تعميم الحكم بحدوث الأعراض.


(١) انظر: المرجع في الكيمياء، سعيد بالبيد: ١٠. وانظر: سلسلة المساعد الكيميائية، سعيد بالبيد: ٧.
(٢) الدرء: (٩/ ٧٨): انظر: النبوات: ٨٦.
(٣) انظر: بيان تلبيس الجهمية: (١/ ٢٨١). والدرء: (٢/ ١٩١).
(٤) انظر: الإرشاد للجوينى: ٢٤.

<<  <   >  >>