للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على الطاعات، وينكح بقصد عفة الزوجة والنسل، وبالجملة فأفعاله ليست بشهوات" (١).

ويعلل سبب تسميته بذلك، فيقول وسموا بذلك لأنهم هم المنصورون بالله المعززون به لا يطمعون في شيء سوى القرب منه".

وذلك لأن أصل كلمة ولى: "فعيل: إما بمعنى فاعل أي متولى خدمة ربه بكل ما أمكنه بروحه وجسمه ودنياه.

أو بمعنى مفعول، أي تولى الله إكرامه وعطاياه ونفحاته، فلم يكله لشيء سواه، فحيث تولى الخدمة تولاه الله بالنعمة والنفحة".

ولكل ما سبق فإن معنى الولي: هو "المنهمك في طاعة ربه الذي أفيضت عليه الأنوار والأسرار، لما ورد في الحديث: (من تقرب مني شبرًا تقربت منه ذراعًا، ومن تقرب مني ذراعًا تقربت منه باعًا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة) " (٢).

[صفات الولي]

ولهذا الذي سبق بيانه من تعريف الولي يمكن معرفة العلامات التي يتأتى بها معرفته وتمييزه عن غيره، يقول: "وعلامة الولى كما في الحديث: سئل رسول الله عن علامة الأولياء، فقال: (هم الذين إذا رؤوا ذكر الله) (٣).

وسبب ذلك ظهور أنوار المعرفة الكائنة في قلوبهم على ظواهرهم، وذلك سر قوله تعالى: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح: ٢٩].

- وكانت هذه العلامة للولى - كما بين الصاوي - دليلًا على اتصافه بأكرم الصفات من معرفة الله وتقواه، وهذا ما فصل القول به عند تفسيره قول الله تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.


(١) حاشية الجوهرة: ٥٤.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب التوحيد - باب قول الله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ}، رقم الحديث: ٧٤٠٥.
(٣) أخرجه النسائي في السنن الكبرى - كتاب التفسير - باب قول الله: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ}، رقم الحديث: ١١٢٣٥: (٦/ ٣٦٢).

<<  <   >  >>