للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المناقشة]

يشترط في الدليل حتى يتم به الوصول إلى المطلوب، أن يكون واضحًا بينًا، حتى لا يصعب فهم مقدماته، وبالتالى يتحقق المراد منه، وأن لا يستند في إحدى مقدماته إلى تقارير وضعية (١)، لا يستقيم المعنى المراد منها لعاقل، فيرد عليها المنع - طلب الدليل - ولا قوة فيها لدفعه، وإذا تيقن ذلك، وعلم احتياج الدليل للوضوح والبرهان، بأن ضعف دليل الحدوث وعدم كفايته في الاستدلال على وجود الله تعالى؛ حيث تعتمد مقدمتاه في إثبات حدوث العالم على مقدمات هي أكثر خفاء منها، وقد عبر عنها بمصطلحات فلسفية دخيلة، أكثرها من المجمل الذي يشمل حقًا وباطلًا، وهذه المقدمات هي: تقسيم العالم إلى جواهر وأعراض، وأن العرض حادث، وهو قائم بالجوهر، وما قام به الحادث فهو حادث، يقول شيخ الإسلام في بيان خفائها: "طريقة أثبتوا فيها الجلى بالخفى، وأرادوا إيضاح الواضح". (٢)

وتفصيل القول فيها كالتالى:

- أما تقسيم العالم إلى جواهر وأعراض، وأن الجوهر هو الجزء الذي لا يتجزأ، فهذا افتراض لم يثبت له دليل، وقد أثبت العلم الحديث بطلانه بإمكان انقسام الذرة وهى أصغر جزء في الأجسام، وأنها بهذا الانقسام تتحول إلى طاقة هائلة تسمى عند المتكلمين بالعرض.

وقد توصل شيخ الإسلام إلى مفهوم التحول عند التناهى قبل مئات السنين، وإن كان في المثال الذي قام بضربه قصور؛ أظهره العلم الحديث، حيث علم أن تحول الماء إلى الهواء من العمليات الفيزيائية التي لا تؤثر في تركيب المادة الكيميائى وهذه العملية تسمى بالتبخر، فالماء المكون من معادلة H ٢ O: ذرتان هيدروجين وذرة أكسجين، لا يغيرها تغير مادته بإحدى العمليات الفيزيائية المعروفة وهى


(١) أي اصطلاحية تكلفية.
(٢) الدرء: (١/ ٨).

<<  <   >  >>