-عز وجل- في عباده إذا نزل بهم العذاب، فآمنوا، أن لا ينفعهم إيمانهم، قال الله تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (٨٤) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (٨٥)} [غافر: ٨٤، ٨٥] وقال فرعون لما أدركه الغرق: {آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩٠)} [يونس: ٩٠] فقيل له: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٩١)} [يونس: ٩١] يعني لن ينفعك، وقال الله تعالى في سورة النساء:{وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ}[النساء: ١٨] وكل هذا يوجب للإنسان العاقل أن يبادر بالتوبة وألا يتأخر وألا يهمل؛ لأنه لا يدري متى يفاجئه الموت، وإذا نزل به الموت فإنه لن تنفعه التوبة، فلابد أن تكون التوبة في وقت تقبل فيه، ويستثنى من هذا قرية واحدة آمنت بعد نزول العذاب فيها ونفعها إيمانها وهم قوم يونس -عليه السلام-، والدليل على أنه نفعها إيمانها: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (٩٨)} [يونس: ٩٨] والحكمة أن هؤلاء نفعهم إيمانهم بعد نزول العذاب بهم؛ لأن نبيهم -عليه السلام- خرج مغاضبًا قبل أن يؤذن له بالخروج فكان هذا عذرًا لهم.
١٧ - ومن فوائد هذه الآيات: أن الله -سبحانه وتعالى- لن يهلك قومًا حتى يقيم عليهم الحجة بالإنذار {فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ}، وهذا موجود في القرآن، قال تعالى: {أُخْرَى وَمَا كُنَّا