للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووجه هذا أنهم لو كانوا عقلاء لكانوا يخشون العذاب ولا يستعجلونه، وأنهم لو كان عندهم نوع من الاعتدال ما صاروا يتحدون الرسل فيقولون: هاتوا العذاب إن كنتم صادقين. فهم عندهم سفه، وعندهم مبالغة بالطغيان والعدوان، قال الله -عز وجل-: {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٣٢)} [الأنفال: ٣٢] وهذا يدل على سفه قريش، وأنهم من أبلغ ما يكون في السفه، وأنهم لو كانوا علماء راشدين لقالوا: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا إليك. فهذا هو الصواب، أما فأمطر علينا حجارة من السماء. فهذا من أسفه ما يقوله البشر.

١٤ - ومنها: أن الله -سبحانه وتعالى- يتحدث عن نفسه في مقام الوعيد بصيغة العظمة، إرهابًا وإزعاجًا لهؤلاء المتوعدين، لقوله: {أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (١٧٦)} ولم يقل: (أفبالعذاب)، ولهذا لما جاء العذاب على سبيل الخبر قال:

{نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (٥٠)} [الحجر: ٤٩، ٥٠] ولم يقل: وأن عذابنا.

١٥ - ومن فوائد الآية الكريمة أنه إذا نزل العذاب بقوم فلن يفلتهم، لقوله: {فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ (١٧٧)}.

١٦ - ومن فوائدها: أنهم لو آمنوا في هذا الوقت فلن ينفعهم، لأنه لو نفعهم الإيمان لم تصدق عليهم هذه الجملة صدقًا كاملًا وهي قوله: {فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ (١٧٧)} لأنه لو نفعهم الإيمان لزال عنهم هذا السوء، ولكن الإيمان لن ينفعهم، وهذه سنة الله

<<  <   >  >>