للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (١٥)} [الإسراء: ١٥] وقال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} [التوبة: ١١٥] والصحيح أن هذا عام، في التوحيد وما دونه، فهو شامل لفروع الإسلام كالصلاة والزكاة والطهارة وما إلى ذلك، فإن الإنسان لا يلزمه شيء منها إلا بعد قيام الحجة وبلوغ الرسالة، ولهذا كان القول الراجح أن من عاش في بادية بعيدًا عن الناس، ولم يصم، ولم يصل، ولم يزك، وهو جاهل، فإنه لا قضاء عليه، ولو بقي سنوات، والدليل على هذا نصوص كثيرة من السنة تدل على أن من كان جاهلًا نشأ في بادية بعيدة لا يدري عن الشرع فإنه لا قضاء عليه، فمثلًا الرجل الذي كان لا يطمئن في صلاته، بقي على هذا مدة الله أعلم بها، لا يحسن إلا هذا: إلا صلاة لا يطمئن فيها، ولم يأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بإعادة ما مضى من صلاته، إنما أمره بإعادة صلاة الوقت الحاضر (١) لأن مطالبته بها في هذا الوقت قائمة، فلهذا أمره أن يعيد حتى تكون صلاته صحيحة، أما ما قبل فلم يأمره بالإعادة، ولم يأمر المرأة التي قالت: إنها تحيض حيضة كبيرة شديدة تمنع من الصلاة، لم يأمرها أن تعيد الصلاة مع أنها مستحاضة (٢)، والمستحاضة تصلي، والأمثلة على هذا كثيرة. ولا فرق بين التوحيد وما دونه، فلو فرضنا: أن رجلًا مسلمًا كان


(١) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم (٧٥٧) ومسلم، كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة ... (٣٩٧).
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الوضوء، باب غسل الدم (٢٢٨) ومسلم، كتاب الحيض، باب المستحاضة وغسلها وصلاتها (٣٣٣).

<<  <   >  >>