من فرعون، فإن فرعون استعبد بني إسرائيل، وصار يقتل أبناءهم ويستحيي نساءهم، يذبح أبناءهم فأحيانًا يذبحهم ذبحًا كالغنم، وأحيانًا يقتلهم قتلًا، إما بأحجار، أو بغيرها، وكان يؤذيهم أشد الإيذاء، يسومهم سوء العذاب، ولا شك أن هذا سيكون فيه كرب عظيم على هؤلاء القوم، فنجاهم الله -سبحانه وتعالى- من ذلك. فذكر الله منته عليهم به.
{وَنَصَرْنَاهُمْ} الضمير يعود على موسى وهارون وقومهما أي: نصرناهم على عدوهم، وأعظم انتصار ما حصل في النهاية حيثما أمر موسى -عليه الصلاة والسلام- أن يخرج من مصر فاتجه إلى البحر الأحمر، ولما بلغه أمر بضربه فضربه فانفلق، فخرج موسى وقومه سالمين، ودخل فرعون وقومه فهلكوا حتى أراهم الله -سبحانه وتعالى- جثة فرعون فوق الماء؛ ليطمئنوا بموته ويتيقنوا ذلك، فلهذا كان ذلك نصرًا لهم.
وقوله: {فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ (١١٦)} الغالبين في النهاية، وإلا فإن أول الأمر كان فرعون قد سامهم سوء العذاب، لكن العبرة بالنهاية، والنهاية أنهم غلبوا؛ لأن الله -عَزَّ وَجَلَّ- يقول في آل فرعون: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٢٥) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (٢٦) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (٢٧)} [الدخان: ٢٥ - ٢٧] يعني الأمر، كذلك مؤكد، {كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ (٢٨)} [الدخان: ٢٨] وهؤلاء القوم هم بنو إسرائيل كما في آية الشعراء، فإذا من النصر العظيم أن الله تعالى يورث هؤلاء القوم الذين استضعفوا في الأرض، أرض هؤلاء العتاة الطغاة الفراعنة بكل سهولة.