مطبقًا له، وأحيانًا يجد فتورًا عن الإقبال على الوحي وفتورًا عن تطبيق ما جاء به الوحي، ولهذا ينبغي للإنسان دائمًا أن يسأل الله تعالى الثبات على الأمر وثبات القلب؛ لأنَّ القلب بين أصبعين من أصابع الله يقلبهما كيف يشاء. فعلى الإنسان ألا يغتر بنفسه ولا يعجب بعقيدته، بل عليه أن يسأل الله دائمًا الثبات؛ لأنَّ القلب يعتريه شبهات ويعتريه شهوات، فأحيانًا يكون الإنسان مؤمنًا حقًّا ثم يلقي الشَّيطان في قلبه شبهة فيعمى -والعياذ بالله-، ويضل، وأحيانًا يكون الإنسان صالحًا مستقيما على أمر الله فيلقي الشَّيطان في قلبه شهوة فيضل، ويتبع الشهوات، فالقلب السليم: هو السالم من الشبهات والشهوات، فيكون إذا سلم من ذلك مستقيمًا على طاعة الله -سبحانه وتعالى-.
{إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ (٨٥)} {إِذْ} نقول فيه كما قلنا في قوله: {إِذْ جَاءَ رَبَّهُ} أنَّه جملة استئنافية لبيان حال إبراهيم -عليه الصَّلاة والسلام-، فكان قلبه سليمًا صالحًا في نفسه، ومع ذلك يحاول إصلاح غيره قال المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ-: [موبخًا لهم]، فالاستفهام هنا بمعنى التوبيخ، والتوبيح يستلزم الإنكار عليهم وزيادة، لأنك قد تنكر على الإنسان بدون توبيخ، ولكن إذا وبخته فإن توبيخك مستلزم للإنكار عليهم، قوله:{إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ} سمى الله هذا الأب في سورة الأنعام فقال: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا}[الأنعام: ٧٤] وكان أبوه مشركًا ووعده -عليه الصَّلاة والسلام- أن يستغفر له، {سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (٤٧)} [مريم: ٤٧] فاستغفر له، ولكنه لما تبيّن له أنَّه