للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كذلك أيضًا إبراهيم اتفقت الأمم على الثناء عليه وعلى ألا يعاب، ولهذا قال: {سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (١٠٩)}. فإن قلت: إننا -نحن هذه الأمة- نسلم على إبراهيم وغيره فإننا نقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنكم إذا فعلتم ذلك فقد سلمتم على كل عبد صالح في السماء والأرض" (١).

فالجواب: نعم إننا نسلم على كل عبد صالح في السماء والأرض، ولكن سلامنا على إبراهيم وأمثاله من أولي العزم من الرسل أشد وأبلغ من سلامنا على عامة الصالحين.

* ومن فوائد الآية في قوله تعالى: {كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١١٠)} أن الله تعالى كرر هذه الجملة المفيدة لهذا الحكم ترغيبًا للناس في الإحسان فيستفاد منها: أنه ينبغي لمن تكلم في أمر يرغب فيه أن يكرر؛ لأن النفوس كلما تكرر لها الحكم ازدادت طمأنينة فيه ورغبة فيه، وفي مقام الترهيب كذلك يكرر، ألم تروا إلى قوله تعالى في سورة المرسلات: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٥)} [المرسلات: ١٥] حيث كررت عدة مرات تحذيرًا وإنذارًا، فلكل مقام مقال. والتكرار قد يكون من الركاكة ومن البعد عن البلاغة، لكن إذا كان في موضع يحسن فيه كان ذلك من البلاغة، وهنا كرر الله هذه الجملة {كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١١٠)} في عدة آيات.

* ومن الفوائد في قوله تعالى: {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (١١١)}:


(١) أخرجه البخاري في كتاب العمل في الصلاة، باب من سمى قومًا أو سلم في الصلاة (رقم ١٢٠٢)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة (رقم ٤٠٢) (٥٥).

<<  <   >  >>