والناهي والمتربص، فأجالها فخرج الناهي ثلاث مرات، وكلما أجالها يخرج الناهي، فجمعها وكسرها وضرب بها وجه الصنم، وقال: لو كان المقتول أباك ما عقتني، ثم خرج فظفر ببني أسد أيضًا.
[مطاردة المنذر له وخبر موته]
وعند التحقيق تجد أن الذي طارده إنما هو عمرو بن المنذر لا المنذر نفسه. ثم إن المنذر بن ماء السماء حارب امرأ القيس، وألب عليه العرب، وأمده كسرى أنو شروان بجيش من الأساورة، فسرحهم في طلبه، فانفضت جموعه عنه، ونجا مع عصبة من بني آكل المرار حتى نزل بالحارث بن شهاب من بني يربوع بن حنظلة، ومعه أدرعه الخمس، وهي الفضفاضة والضيافة والمحصنة والخريق وأم الذيول، وكانت هذه الأدرع يتوارثها بنو آكل المرار ملكًا عن ملك، فلما بلغ المنذر أن امرأ القيس استقر عند الحارث المذكور بعث إليه يتهدده، إن لم يسلم إليه بني آكل المرار، فسلمهم إليه، ونجا أمرؤ القيس بما قدر على أخذه معه من المال والسلاح والأدرع المذكورة، فلجأ إلى السموءل بن عاديا الغساني، ثم اليهودي مذهبًا، وكان معه فزاري يدعى الربيع، فقال له: امدح السموءل فإن الشعر يعجبه، فنزل به، وأنشده مديحه فيه، فأكرم مثواه، وترك عنده ابنته هندًا، وكتب له كتابًا إلى الحارث بن أبي شمر الغساني، وأمره أن يوصله إلى قيصر، ففعل، ولما وصل إلى قيصر قبله وأكرمه، وأمده بجيش كثيف، وفيهم جماعة من أبناء الملوك، وكان رجل من بني أسد، يقال له: الطماح واجدًا على امرئ القيس لأنه قتل أخاه فيمن قتل، فاندس إلى قيصر، وقال له: إن امرأ القيس عاهر، وإنه لا انصرف عنك ذكر أن ابنتك عشقته، وأنه كان يواصلها، وهو قائل في ذلك شعرًا، يشهرها به في العرب ويفضحها، فبعث إليه حينئذ بحلة منسوجة بالذهب، وأودعها سمًا قاتلًا، وكتب إليه: إني أرسلت إليك حلتي التي كنت ألبسها تكرمة لك، فإذا وصلت فالبسها باليمين والبركة، واكتب إلي