للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذهَب سمعُه، فما يكادُ يسمعُ، وكاد أن يذهَبَ بصرُه، وكانَتِ ابنتُه (١) تَحُلُّه إذا حضَرتِ الصَّلاةُ، أو أرادَ أن يذهبَ لحاجةٍ، وإذا فرَغ أعادَتْه إلى الرِّباطِ، فقال رسولُ اللَّهِ : "لو جاءَني لاسْتَغْفَرتُ له" (٢).

قال أبو عمرَ: اختُلِف في الحالِ التي أوجَبتْ فعلَ أبي لُبابةَ هذا بنفسِه، وأحسنُ ما قيل في ذلك ما رواه مَعْمَرٌ، عن الزُّهريِّ، قال: كان أبو لُبابةَ ممن تَخَلَّفَ عن النبيِّ في غزوةِ تبوكَ، فربَط نفسَه بساريةٍ، فقال: واللهِ لا أَحُلُّ نفسي منها، ولا أذوقُ طعامًا ولا شرابًا حتَّى يتوبَ اللَّهُ عليَّ أو أموتَ، فمكَث سبعةَ أيامٍ لا يذوقُ طعامًا ولا شرابًا حتَّى خَرَّ مَغْشِيًّا عليه، ثم تابَ اللَّهُ عليه، فقيل له: قد تابَ اللَّهُ عليك يا أبا لُبابةَ، فقال: واللهِ لا أَحُلُّ نفسِي حتَّى يكونَ رسولُ اللَّهِ هو الذي يَحُلُّني، قال: فجاء رسولُ اللَّهِ فَحَلَّه بيدِه، ثم قال أبو لُبابةَ: يا رسولَ اللَّهِ، إِنَّ مِن تَوْبَتِي أن أَهْجُرَ دارَ قومِي التي أصَبتُ فيها الذَّنبَ، وأن أنخلعَ مِن مالِي كلِّه صدقةً إلى اللَّهِ وإلى رسولِه، قال: "يُجْزِئُك يا أبا لُبابةَ الثُّلُثُ" (٣).

ورُوِي عن ابنِ عباسٍ مِن وُجُوهٍ في قولِ اللَّهِ : ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا﴾ الآية [التوبة: ١٠٢].


(١) في حاشية الأصل بخط كاتبه: "امرأته في السير".
(٢) أخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة (٧٨٧١) من طريق ابن وهب به.
(٣) أخرجه عبد الرزاق (٩٧٤٥)، وفي تفسيره ٢/ ١٦٣، وابن جرير في تفسيره ١١/ ٦٥٧ من طريق معمر به.