للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

سلمانَ عِلْمٌ لا يُدرَكُ، وما أَظَلَّتِ الخَضْرَاءُ ولا أَقَلَّتِ الغَبْراءُ (١) مِن ذي لَهجَةٍ أصدقَ مِن أبِي ذَرٍّ" (٢).

قال أبو عمرَ : فَضَّلَ رسولُ اللهِ جماعةً مِن أصحابِه بفَضائِلَ، خَصَّ كلَّ واحدٍ منهم بفَضِيلةٍ وَسَمَه بها، وذكَره فيها، ولم يأتِ عنه أنَّه فَضَّلَ منهم واحِدًا على صاحبِه بعَينِه مِن وَجْهٍ يَصِحُّ، ولكنَّه ذكَر مِن فضائلِهم ما يُسْتَدَلُّ به على مواضِعِهم ومنازِلهم مِن الفضلِ والدِّينِ والعِلمِ، وكان أَحلَمَ وأكرَمَ مُعاشَرةً، وأعلَمَ بمَحاسِنِ الأخلاقِ مِن أن يُواجِهَ فاضِلًا منهم بأنَّ غيرَه أفضلُ منه، فيَجِدَ مِن ذلك في نفسِه، بل فَضَّلَ السَّابقِينَ منهم وأهلَ الاختِصاصِ به على مَن لم يَنَلْ مَنازِلَهم، فقال لهم: "لو أَنفَقَ أحدُكُم مِثلَ أُحُدٍ ذَهَبًا ما بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِم ولا نَصِيفَه" (٣)، وهذا مِن معنى قولِ اللهِ تعالى (٤): ﴿لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ [الحديد: ١٠]، ومُحالٌ أَن يَستَوِيَ مَن قاتَله رسولُ اللهِ مع (٥) مَن قاتَل عنه.


(١) الخضراء: السماء، والغبراء: الأرض. النهاية ٢/ ٤٢، ٣/ ٣٣٧.
(٢) أخرجه العقيلي في الضعفاء الكبير ٢/ ١٥٨، وأبو نعيم في الحلية ١/ ٢٢٨ من طريق أحمد ابن يونس به، وعند أبي نعيم مقتصرا على: "معاذ بن جبل أعلم الناس بحلال الله وحرامه".
(٣) تقدم تخريجه ص ١٩.
(٤) هنا ينتهي الخرم من: غ، ف المشار إليه في ص ٨.
(٥) في ط: "و"، وفي الحاشية كالمثبت.