وهذا السند من خماسياته؛ رجاله ثلاثة منهم مدنيون، وواحد بصري، وواحد نيسابوري، وحكمه: الصحة.
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كتب ربكم على نفسه بيده) المقدسة (قبل أن يخلق الخلق) أي: قبل أن يوجد الكائنات، وقوله:(رحمتي سبقت غضبي) أي: غلبته بالنظر إلى مظاهرها .. مفعول كتب، وقوله:"كتب على نفسه" يدل على أنه ساق هذا الكلام على أنه وعد بأنه سيعامل بالرحمة ما لا يعامل بالغضب، لا أنه إخبار عن صفة الرحمة والغضب بأن الثانية دون الأولى؛ لأن صفاته كلها كاملة عظيمة، ولأن ما فعل من آثار الأولى فيما سبق أكثر مما فعل من آثار الثانية.
ولا يشكل هذا الحديث بما جاء أن الواحد من الألف يدخل الجنة، والبقية النار، إما لأنه يعامل بمقتضى الرحمة ولا يعامل بمقتضى الغضب، كما قال:{مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا}(١) وإما لأن مظاهر الرحمة أكثر من مظاهر الغضب؛ فإن الملائكة كلهم مظاهر الرحمة، وهم أكثر خلق الله، وكذلك ما خلق في الجنة من الحور والولدان.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي؛ أخرجه في كتاب الدعوات، باب في فضل التوبة والاستغفار.