في أوله قال:(إن ابن آدم يضعف جسمه، وينحل لحمه، وقلبه شاب). انتهى.
والتعبير بالشاب إشارة إلى كثرة الحرص، وبعد الأمل الذي في الشاب أكثر وبهم أليق؛ لكثرة الرجاء عادةً في طول أعمارهم، ودوام استمتاعهم ولذاتهم في الدنيا.
قال القرطبي: في هذا الحديث كراهة الحرص على طول العمر وكثرة المال، وأن ذلك ليس بمحمود.
وقال غيره: الحكمة بالتخصيص بهذين الأمرين: أن أحب الأشياء إلى ابن آدم نفسه، فهو راغب في بقائها، فأحب لذلك طول العمر، وأحب المال؛ لأنه من أعظم الأسباب في دوام الصحة التي ينشأ عنها غالبًا طول العمر، فكلما أحس بقرب نفاد ذلك .. اشتد حبه له، ورغبته في دوامه. انتهى "فتح الملهم".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الرقاق، باب من بلغ ستين سنة .. فقد أعذر الله إليه في العمر، ومسلم في كتاب الزكاة، باب كراهة الحرص على الدنيا، والترمذي في كتاب الزهد، باب في قلب الشيخ شاب على اثنتين.
وهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث ابن مسعود.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث ابن مسعود بحديث آخر لأنس رضي الله تعالى عنهما، فقال: